لا يقتضي تعليق وجوب الاستنابة على إرادة الحج حتى يتم ما افاده ( قده ) فإنه نظير أن يقال إن من أراد الصلاة فليتوضأ . أو يقال مثلا : أن من أراد الطواف ولم يتمكن فليستنب وليس معناه دخالة إرادة الصلاة في وجوب الوضوء ، أو دخالة إرادة الطواف في وجوب الاستنابة وانما يقال ذلك من جهة أن من لا يريد الصلاة لا حاجة له إلى الوضوء ، وكذا من لا يريد الطواف لا حاجة له إلى الاستنابة وهذا تعبير شائع في العرف ، فما في هذا الحديث من تعليق الاستنابة على إرادة الحج لا يدل على عدم وجوبها كما افاده صاحب المستند ( قده ) نعم لو علقت الاستنابة على إرادة نفس الاستنابة كما عرفت في حديثي قداح ، وأبى حفص ، لكان ذلك دالا على عدم الوجوب ، ولكن الأمر ليس كذلك كما هو واضح . وبالجملة صحيح محمد بن مسلم الذي جعله صاحب المستند ( قده ) معارضا للأخبار الدالة على وجوب الاستنابة لا ينفى وجوبها ، وغاية ما في الباب هو القول بإجماله ، فلا يصلح صارفا لظهور باقي الأخبار في الوجوب ، فعلى هذا لا يبقى مجال لما ذهب اليه صاحب المستند ( قده ) من عدم وجوب الاستنابة ، لما عرفت . ( الجهة الثالثة ) - في أنه هل يحكم بوجوب الاستنابة على المستطيع المعذور مطلقا ، أو يقال بالتفصيل ، والتفاصيل التي ظفرنا بها في كلمات الأصحاب في المحل المفروض ثلاثة : ( الأول ) التفصيل بين صورة استقرار الحج عليه وعدمه ، فيحكم بوجوب الاستنابة على الأول دون الثاني . كما هو المحكي عن جماعة من الفقهاء - رضوان اللَّه تعالى عليهم - منهم الحلي ، والمفيد ، والعلامة ، في القواعد . ولكن الأقوى في النظر هو الحكم بوجوبها مطلقا من دون فرق بين صورة استقرار الحج عليه وعدمه وفاقا للإسكافي ، والشيخ ، وأبي الصلاح ، وابن البراج ، والحسن في ظاهر ، والفاضل في ( السرائر ) على ما حكاه صاحب الجواهر . ويدل على ذلك إطلاق ما تقدم من الأخبار من صحيح الحلبي أو حسنه ، ومضمرة علي بن حمزة ، وكذا صحيح محمد بن مسلم لو قلنا بتمامية دلالته على الوجوب . ولكن ما يمكن الاستدلال به على التفصيل وجوه : ( الأول ) - دعوى انصراف الإطلاقات المتقدمة - الدالة على وجوب الاستنابة - إلى صورة