المرحلتين على الحد من باب دخول الغاية في المغيى . ولا يعارض ما تقدم من النصوص الدالة على الحد المذكور إلا ما رواه حريز في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) . قال : من كان منزله على ثمانية عشر ميلا من بين يديها وثمانية عشر من خلفها وثمانية عشر من يسارها فلا متعة له مثل مرو أشباهه [1] . ولكن الرواية معرض عنها وغير مفتى بمضمونها ، إن كان المراد تحديد مكة بثمانية عشر ميلا ، ووجوب المتعة على من كان وراء ذلك الحد وخارجا عنه ، وإن لم يبلغ ثمانية وأربعين ميلا . وقال شيخنا الحر العاملي بعد ذكر الرواية : هذا غير صريح في حكم ما زاد عن ثمانية عشر ميلا ، فهو موافق لغيره فيها وفيما دونها فيبقى تصريح حديث زرارة وغيره بالتفصيل سالما عن المعارض - انتهى . وفي المدارك : يمكن الحكم بالتخيير فيما زاد عن ثمانية عشر - انتهى . وفي كلا النظرين نظر [2] ، والأقوى ما هو المنسوب إلى المشهور
[1] الوسائل ج 8 الباب السادس من أقسام الحج الحديث 10 . [2] أقول : ظاهر الحديث بمفرده يمكن حمله على ما احتمله صاحب الوسائل ( قده ) ، فإن قوله عليه السلام ( من كان منزله على ثمانية عشر ميلا فلا متعة له ) لا يدل على أكثر من نفي المتعة لمن كان في هذا الحد ، وأما اثبات جواز المتعة لمن كان وراء ثمانية عشر ميلا وما دون ثمانية وأربعين ميلا فلا يستفاد من الحديث حتى يكون معارضا لحديث زرارة . ولعل نظر الأستاذ مد ظله إلى أن الحديث إنما ورد في تفسير قوله تعالى ( ذلك لمن يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) وبيان مصداقه ، فعلى هذا يكون مصداق الحاضر من كان منزله على ثمانية عشر ميلا وما زاد على هذا الحد مصداقا لمن لم يكن حاضر المسجد ، وهذا معارض لحديث زرارة ومخالف له صريحا .