ولكن التحقيق أن يقال : إن كان المراد من التخيير هو التخيير الواقعي المجعول لها بمقتضى الجمع بين طائفتين من الروايات فلا شاهد له وليس جمعا عرفيا ويأبى العرف عنه ، لأن الأخبار الدالة على العدول ظاهرة في تعين العدول ، وأن وظيفة الحائض ليس إلا ذلك ، وكذا الظاهر من أخبار الباب تعين اتمام العمرة عليها ثم قضاء طوافها بعد الحج ليكون حجها تمتعا ، فالأمر الوارد في الطائفتين ظاهر في الوجوب التعييني ، ولا شاهد لحمله على التخييري ، بل لا يحتمله بعض العبارات أصلا ، فإن قوله عليه السلام في رواية عجلان : ( لا إذا زالت الشمس ذهبت المتعة ) [1] وقوله ( تمت عمرتها ) كما في رواية أبي بصير [2] تعبيران مختلفان ومتناقضان من جميع الوجوه لا يمكن حملهما على التخيير ، وإرادة الأمر التخييري منها مما لا يساعده العرف بل يبعده وينفيه . ولا ينافي هذا ما تقدم منا من حمل قوله ( ذهبت متعتها ) على انقضاء التعيين ، وذهاب الأمر التعييني ، جمعا بينه وبين قوله ( ولها المتعة ) ، إذ لا اشكال ولا استبعاد في ذلك الجمع بخلاف النصوص المتعارضة في المقام ، فإن قوله ( تصير حجها مفردة ) ، وقوله ( متعتها تامة وتقضي طوافها ) غير قابل لتحمل الجمع المذكور بإرادة التخيير منهما .
[1] وسائل الشيعة ج 8 الباب 21 من أقسام الحج الحديث 14 . [2] وسائل الشيعة ج 9 الباب 84 من أبواب الطواف الحديث 4 .