ثم قال : وقد يجاب : بأن الأصل في المقام البراءة ، حيث إن الشك في التكليف بالزائد . نعم ، لا بأس بالتمسك باستصحاب الضمان المستفاد من حديث اليد ( 1 ) . ولا يخفى أن مقتضى الأصل يختلف على مبنى ثبوت العين أو المثل في العهدة عنه على مبنى ثبوت القيمة في العهدة في ضمان القيميات ، فإن الشك على الأول يرجع إلى الشك في سقوط الذمة بأداء الأدنى ، والشك على الثاني راجع إلى الشك في ثبوت الأعلى في الذمة ، والأول مجرى الاشتغال ، والثاني مجرى البراءة . وحيث إن مبنى الشيخ هو الثاني - كما عرفت - فلا وجه لما ذكره من الاستصحاب ، فإن ما هو متيقن الثبوت في العهدة هو الأدنى ، والأعلى مشكوك من الأول ، والجامع - وهو عنوان القيمة أو غيرها - ليس بحكم شرعي ، ولا موضوع ذي حكم . نعم ، لو قلنا بأن المضمون في القيميات هو عنوان القيمة - لا واقعها - رجع الشك إلى الشك في سقوط الذمة بأداء الأدنى ، وأمكن القول باستصحاب اشتغال الذمة بهذا العنوان ، إلا أن الشأن في إثبات ذلك ، وهو ( قدس سره ) أيضا غير ملتزم به ، فعلى الصحيح - وهو تعلق القيمة بالعهدة في القيميات - يرجع إلى البراءة عن الأعلى . ثم إنه يمكن أن يقال بالرجوع إلى البراءة ، على مبنى ثبوت العين أو المثل في العهدة أيضا بتقريب : أن الثابت في الذمة لا يسقط بأداء البدل ، وهو القيمة ، ووجوب أداء القيمة تكليف جديد من باب تعذر أداء العهدة ، فالثابت أولا لا يسقط ، والثابت ثانيا أمره مردد بين الأقل والأكثر يرجع فيه إلى البراءة . ولكن يرد عليه : أن بقاء العهدة بعد أداء القيمة لغو محض ، لأن المفروض عدم التمكن من أدائها ، بل الظاهر من الأدلة أن دفع القيمة مسقط للذمة ، ووجوب دفعها إنما يكون من هذه الجهة ، فيرجع الشك إلى مرحلة السقوط ، والمرجع هو الاشتغال .