وأما بناء على أن يكون ذلك من جهة تعذر المثل ، وعدم وجدانه إلا عند من يعطيه بأزيد من ثمن المثل ، فمقتضى القاعدة لزوم الشراء لاطلاقات أدلة الضمان ، وحديث نفي الضرر أجنبي عن ذلك على مسلكنا . وأما على مسلك القوم من تحكيمه على الأدلة ، فقد أفتى الشيخ ( رحمه الله ) بلزوم الشراء مع فرضه لزوم الضرر على الضامن ( 1 ) ، ولعل الوجه في ما ذكره : عدم شمول الحديث لمورد كان الضرر في مقدمات الفعل لا في نفسه ، فإن جعل الحكم بنفسه ليس ضررا في أي مورد ، بل الضرر إنما هو في الاتيان بالمتعلق لو كان ، فمعنى الحديث عدم جعل الحكم الذي يكون في الاتيان بمتعلقه ضرر ، وهنا إطلاقات الحكم هي إطلاقات الضمان المقتضي للزوم دفع المثل ، والدفع وإن كان ضرريا ، إلا أن الضرر في طبعه ، لما مر من أن الضمان وعهدة الخسارة بنفسه ضرر ، ولا يمكن شمول دليل نفي الضرر لمثله ، والشراء أيضا وإن كان ضررا ، إلا أن الشراء مقدمة للاتيان بالمتعلق ، لا متعلق الحكم بنفسه . هذا ، ولكن بناء على تحكيم دليل الضرر على أدلة الأحكام - كما ذكروا - تكون النتيجة عدم جعل الحكم الناشئ منه الضرر ولو في المقدمات ، نظير دليل الحرج ، ألا ترى أن مورد رواية عبد الأعلى ( 2 ) مشتمل على الحرج في المقدمات ، وهي حل المرارة ، وإلا فنفس المسح على البشرة لا ضرر فيه ، ومع ذلك يقول الإمام ( عليه السلام ) : هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) وهذا أقوى دليل على أن مبنى عدم جعل الحكم الحرجي ما يشمل الحرج في المقدمات ، بل لا بد من أن يفهم السائل ذلك من الكتاب ، ففي المقام أيضا الأمر كذلك ، أي معنى عدم جعل الحكم الضرري ما يشمل الضرر في المقدمات .
1 - المكاسب : 107 / سطر 7 - 13 . 2 - تقدم في الصفحة 260 .