إن غاية ما يمكن أن يقال في تقريب القاعدة لاثبات ذلك وجهان : أحدهما : أن لا ضرر قد أطلقت على نحو الحقيقة الادعائية ، فإن الضرر في مواردها موجود تكوينا ، والمصحح للادعاء إنما هو لزوم تدارك الضرر ، فالضرر المتدارك كأنه لا ضرر ، ولذا ادعي أنه كذلك ، ف لا ضرر ورد لبيان لزوم التدارك ، وهذا معنى الضمان . ثانيهما : أن لا ضرر ينفي كل ما يكون ضرريا في الشريعة المقدسة ، ومنها الأحكام الضررية ، ومنها إضرار الناس بعضهم ببعض ، ومنها عدم اشتغال ذمة الضار بما أضر به ، فإنه ضرري على الآخر ، فيلزم تداركه ، وهذا معنى الضمان . وعلى أي تقدير ، تمت هذه التقريبات لولا القاعدة على عكس المطلوب أدل ، فإن أخذ مال القابض - المفروض عدم كون التلف مستندا إليه ، لا مباشرة ولا تسبيبا - لتدارك المال التالف ضرر عليه ، ولا ضرر ، فالقاعدة تثبت عدم ضمان التلف . والتوفيق بينها وبين حديث اليد ( 1 ) : إما بتخصيصها بالحديث ، أو أن يقال : بأن رتبة المجعول في الحديث غير ضرري ، فإن العهدة المحضة لا ضرر فيها أبدا ، والمرتبة المتأخرة عنها - وهي مرتبة وجوب الأداء - وإن كانت مرتبة شمول القاعدة ، إلا أنه بعد ثبوت العهدة بالحديث يكون الأداء من قبيل أداء مال الغير ، وهذا أجنبي عن مفاد القاعدة ، وهذا نظير ما يقال في الزكاة : من أن رتبة جعل الشارع تشريك الفقراء في المال مع صاحبه ، مقدمة على رتبة شمول لا ضرر ، وبعد ثبوت جعل التشريك - لعدم مزاحمة القاعدة له في هذه المرتبة - يكون وجوب الأداء من قبيل وجوب أداء مال الغير ، فتصبح القاعدة سالبة بانتفاء الموضوع . وكيف كان ، فتجشم هذه الوجوه لدفع التدافع بين الحديث والقاعدة ، إنما هو على مذاق القوم في مفاد القاعدة ، وإلا فالأمر عندنا سهل ، والتحقيق في مفادها