الوفاء بالعقد بالنسبة إلى أثره الملك ، لا بد من الالتزام به بالنسبة إلى سائر آثاره تمسكا بعموم ( أوفوا بالعقود ) . الثالث أن يقال : إن شأن الشارع ليس إلا التشريع ، وأما تغيير بناء العقلاء والأحكام العقلائية فغير مربوط به ، فلو كان بيع الخمر بيعا عقلائيا ، فليس من شأن الشارع القول بأنه ليس ببيع عند العقلاء ، أو لا يؤثر في حصول الملكية عندهم ، بل ما هو من شأنه ومربوط به بيان أنه ليس ببيع عنده ، أو لا يملك عنده . ففي المقام المفروض أن المعاطاة بيع عقلائي مملك ومبيح لجميع التصرفات عندهم ، وليس للشارع التصرف في هذا المقام ، بل له أن يقول إنه ليس ببيع أو لا يؤثر في الجملة عنده . والمفروض قيام الاجماع على عدم حصول الملكية بالمعاطاة فقط ، لا أنها ليست بعقد أو بيع ، ولا أنها لا تؤثر مطلقا ، فيتمسك لاثبات تأثيرها في حصول الإباحة بعموم ( أوفوا بالعقود ) ، فإنه عقد عقلائي مؤثر فيها عندهم ، والمفروض أن الشارع لم يتصرف فيها من هذه الجهة . وهكذا يتمسك بها لاثبات اللزوم أيضا ، كما هو ظاهر . إثبات اللزوم على الإباحة الشرعية وأما على القول بالإباحة الشرعية ، فعلى القول الأول منه - وهو إلغاء الشارع سببية المعاطاة للملك وجعله سببيتها للإباحة - فيمكن التمسك بالآية أيضا لاثبات اللزوم حينئذ ، فإن المعاطاة عقد سبب للإباحة الشرعية ، فيجب الوفاء به ، ولو قيل بأن المقصود بها الملك ولم يقع ، والواقع الإباحة ولم تقصد ، أمكن الجواب عنه : بأن الإباحة ليست أجنبية عن الملك وغير مرتبطة به أصلا ، بل إنما هي من لوازمه ، فالقصد قد تعلق به ولو تبعا ، والشارع ألغى سببية المعاطاة للملزوم ، وجعل سببيتها للازمه ، فيندفع الاشكال . وأما على القول الثاني : وهو أنه لا سببية بين المعاطاة والإباحة أصلا ، وهما