لكون المعاطاة بيعا عرفيّا ، غاية الأمر اشتراط تأثيرها للملك بحصول أحد الملزمات ، كاشتراط تأثير الصرف له بحصول القبض في المجلس ، فحالها بالنسبة إلى المطلقات الدالَّة على صحّة البيع والمطلقات الدالَّة على اشتراطه بشيء على السواء . وبالجملة : فحال هذا القول حال القول الأوّل ، إلَّا أنّ هنا سؤالين : الأوّل : أنّه ما الدليل على هذا الاشتراط ؟ والثاني : أنّه - على فرض تسليمه - ما الدليل على تأثير هذا البيع للإباحة فيما بينه وبين حصول شرطه ؟ وأمّا على القول الثالث : فلا شكّ أنّ المعاطاة بيع فاسد ، ضرورة أنّه ليس معنى الفساد كون الشيء عادم الأثر وبلا فائدة ، بل كونه عادما لأثره المقصود منه ، وإن كان موضوعا لألف أثر آخر . فالبيع إذا لم يترتّب عليه ما هو المقصود منه من المبادلة يصدق عليه أنّه فاسد ، وإن جعله الشارع موضوعا لأثر آخر كالإباحة فيما نحن فيه - لو قلنا بها - والضمان في البيع الفاسد ، وحيث إنّ من المقرّر في محلَّه : أنّ لفظ البيع اسم للمبادلة الواقعية باتفاق العرف والشرع ، وافتراقهما في البيوع الفاسدة - حيث يسمّيها الأوّل بيعا دون الثاني - إنّما هو لأجل رؤية الأوّل إيّاها مبادلة دون الثاني ، فمخالفة العرف في ذلك للشرع كمخالفة الأحول لصحيح العين - حيث يرى الواحد اثنين - في أنّها ليس من جهة أنّ مفهوم اللفظ عنده غير مفهومه عند غيره ، بل من جهة تطبيقه الكلَّي على ما ليس فردا له ، لتوهّم كونه فردا بواسطة الأحوليّة ، فلهذا لو أعلمه الشارع الذي هو مقرّ بمولويّته وصحّة نظره : بأنّ ما توهمه بيعا لا بيع ، يصير معترفا بذلك ، ويعدّ البيع الفاسد بعد ذلك أجنبيّا عن البيع .