فتعيّن الوجه الخامس الذي ذكرنا ، وهو أن يكون المعنى : أنّ المحلَّل والمحرّم وإن كانا غير ثابتين فيما نحن فيه ، لكنّهما في موارد ثبوتهما إنّما يحصلان بالكلام الدال على التحليل والتحريم ، فكلّ مورد كان خاليا عن الكلام بهذا الوصف فلا مجال لتوهّم كونه مصداقا للمحلَّل والمحرّم ، والمفروض أنّ ما نحن فيه كذلك ، فلا يكون مصداقا لبيع ما ليس عنده ، ولهذا لا بأس به ، فيكون وصف الموضوع الذي هو الكلام محذوفا ، بقرينة دلالة المحمول عليه ، لوضوح أنّ الكلام الدال على التحريم لا يصلح للمحلَّليّة ، والدال على التحليل لا يصلح للمحرّميّة ، والخالي عن كلتا الدلالتين لا يصلح لشيء من المحلَّلية والمحرّمية . إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ هذه الفقرة لاشتمالها على كلمة « إنّما » المفيدة للحصر في الجزء الأخير ، تفيد : أنّ المحلَّل والمحرّم منحصران في الكلام الدال على التحليل والتحريم ، فيكون غيره من المعاطاة ونحوها بلا أثر . لكن يمكن أن يقال : إنّ هذا المعنى لمّا كان بظاهره فاسدا قطعا ، لوضوح أنّ رضا المالك المستكشف بغير اللفظ محلَّل للتصرّف في ماله ، وكذا إرسال التحف والهدايا محلَّل للتصرّف فيها ، فلا جرم يلزم ارتكاب خلاف ظاهر ، إمّا بأن يحمل الكلام على معناه الظاهري ، مع التزام التخصيص بالنسبة إلى الموارد المذكورة ، وهذا الوجه يلائم مطلب الخصم من عدم صحّة المعاطاة ، إذ له أن يقول : إنّه يقتصر في تخصيص هذا العام بالقدر المتيقن ، فيكون عمومها بالنسبة إلى الموارد المشكوكة التي منها المعاطاة بلا معارض . وإمّا بأن نلتزم بأنّ هذا الكلام مورده أبواب العقود ، فعدم شموله لغيرها - كالموارد المذكورة - يكون من باب التخصّص ، وهذا أيضا لا يضرّ بمطلب