من الحنطة في ذمّته ، ينتقل هذا الاقتدار منه إلى المشتري ، بمعنى : أنّ للمشتري أن يحصل هذا المقدار من الحنطة بواسطة ثمن من مال البائع عند الأجل إن شاء ، وله تركه إن شاء ، بخلاف البائع ، فيجب عليه تحصيله بماله متى طالبه المشتري ، فيكون بمنزلة الآلة ، وينقص من قدرته بمقدار المبيع ، فمن كان قادرا على مائة منّ من الحنطة فقط ، يصير بعد بيع عشرة أمنان منها قادرا على التسعين فقط ، وهكذا ينقص من قدرته بنسبة المبيع ، هذا في بيع السلف ونحوه . وهكذا يقال في بيع الدين على من هو عليه ، فإنّ المدين يملك ويتسلَّط على تحصيل دينه من مال المديون ، بحيث إن شاء أخذه ، وإن شاء تركه ، وبعد أن باعه على نفس المديون يصير هذا الاقتدار منه منتقلا إلى المديون ، بمعنى أنّ له أن يحصل مقدار الدين من مال نفسه ، وله تركه وهو ليس كما قبل مجبورا على التحصيل ، فهذا عكس سابقه ، فاندفع الإشكال الثالث أيضا . فإن قلت : يدفع هذا الذي ذكرت - من كون الملكيّة هي نفس السلطنة - القاعدة المجمع عليها ، أعني قولهم : « الناس مسلَّطون على أموالهم » [1] ، حيث إنّ مقتضاها بواسطة جعل السلطنة محمولا ، وحكما للملكيّة ، مغايرتهما مفهوما . قلت : لا شكّ أنّ السلطنة تختلف باختلاف اللحاظات فربّ مال تثبت السلطنة عليه لشخص في نظر العرف دون الشرع ، كالأموال المغصوبة ، فإنّ أهل العرف يعدّون الغاصب ذا يد ومتسلَّطا عليها ، ويحسبون صاحبها الحقيقي عادما