وإمّا إلى الفيل ، غاية الأمر عدم علمنا به ، ولا شكّ أنّه لا بدّ أن يكون هذا المشار إليه - سواء هذا الفرد أم ذاك - مشكوك البقاء حتى يستصحب ، كما لو علم بوجود شخص في الدار ولم يعلم أنّه زيد أم عمرو ، فشكّ في الزمان الثاني في بقائه - سواء كان زيدا أم عمرا - وما نحن فيه ليس كذلك ، لأنّ البق مقطوع العدم ، والفيل مشكوك الحدوث ، ومشكوكيّة البقاء بعد الفراغ عن الحدوث ، فشئ منهما ليس مشكوك البقاء ، فالمشكوك البقاء في المقام منحصر في الجامع المجرّد في نظر العقل عن جميع الخصوصيّات ، فثبت صحّة استصحاب الجامع وعدم صحّة استصحاب الفرد . وأيضا حديث ترتيب أثر الجامع على الفرد المستصحب ليس على إطلاقه ، وتوضيحه : أنّ ترتيب الأثر على الجامع يتصوّر على نحوين : الأوّل : أن يرتّب عليه بلحاظ وجوده الاستغراقي بحيث يتسرّى الحكم من الكلَّي إلى الأفراد على سبيل الاستغراق ، ويصير كلّ فرد فرد ذا حكم مستقل ، نظير العام الاستغراقي ، وذلك كقول المولى : أكرم العالم ، فإنّ معناه أكرم كلّ عالم ، نظير قوله أكرم العلماء . الثاني : أن يرتّب عليه بلحاظ صرف الوجود في مقابل العدم الأزليّ ، بحيث لا يتسرّى الحكم إلى الأفراد ، بل يعدّ أجنبيّا عنها ، فلا يتفاوت الحال بين قلَّتها وكثرتها ، وذلك كقول المولى : إن كان الإنسان موجودا في الدار فأعط فقيرا درهما ، فوجوب الإعطاء يدور مدار وجوب الإنسان وعدمه ، وعلى تقدير وجوده لا يتفاوت الحال بين وحدة الفرد المتحقّق في ضمنه وتعدّده ، فاستصحاب الفرد يوجب التعبّد بالآثار المترتّبة عليه ، والآثار المترتّبة على الجامع بالنحو الأوّل ، فإنّها كما عرفت يتسرّى منه إلى الفرد . مثلا لو شكّ في عالمية زيد بعد العلم بها في السابق فيستصحب ويرتّب عليه وجوب الإكرام المعلَّق على عنوان العالم ، فيقال : هذا