فإنّ وجوب الغسلة الأولى مقطوع تفصيلي ، فلا يقصد بالأصل نفيه ، وإنّما يقصد به نفي وجوب الغسلة الثانية ، وهذا يترتّب على أصالة عدم الطويل ، أعني : البول ، لا على أصالة عدم القصير ، أعني : الدم . فلا تعارض بين هذين الأصلين في هذا الأثر وإن تعارضا في نفي الكلَّي . ثمّ إنّ حديث الحكومة مسلَّم فيما إذا كان الكلَّي الجامع من الأمور التي وضعها ورفعها من وظيفة الشارع من حيث إنّه شارع ، كالملكيّة والطهارة والحدث ، فإنّها كما تكون موضوعات لأحكام كذلك تكون أحكاما لموضوعات ، فهي وإن كانت أمورا واقعية لا مجعولة للشارع من حيث إنّه كذلك ، لكنّ الكشف عنها وبيانها بيده ومن وظيفته ، ومجرّد ذلك كاف في شمول أخبار لا تنقض لها ، فكما تستصحب الطهارة المتيقّنة عند الشكّ في زوالها ليترتّب عليها أحكامها ، كذلك تستصحب الخلية المتيقّنة عند الشك في انقلابها بالخمرية لتترتّب عليها الطهارة ، فإنّ لهذا الكلَّي مرحلتين : مرحلة الحدوث ، ومرحلة البقاء . أمّا الأولى : فهي مسبّبة عن وجود أحد الفردين وعدمهما جميعا ، فلو تعارض أصلا عدم القصير وعدم الطويل ، بلحاظ العلم الإجمالي - كما فيما نحن فيه - فيكون استصحاب الكلَّي بلا حاكم ، ولو لم يتعارضا ، كان المرجع أصالة عدم الطويل كالمثال المتقدّم . وأمّا مرحلة البقاء فهي مسبّبة عن كون الحادث هو القصير أو الطويل ، وحيث لا أصل في السبب يعيّن أحد الأمرين ، فيكون استصحاب بقاء الكلَّي بلا حاكم . وأمّا لو كان الكلَّي الجامع من الأمور التي ليس وضعها ورفعها بيد الشارع