القاعدة تقتضي ترتّب الآثار من بعد الإجازة التي هي من تتمّة العلَّة ، فترتّبها قبلها يحتاج إلى دليل خاص . نعم ثبوتها قبلها يكون على طبق القاعدة في بعض المواضع . وبيان ذلك : أنّ العقود على قسمين ، فبعض منها يكون الزمان مأخوذا قيدا في مضمونه كسائر القيود ، وبعض منها يكون الزمان ظرفا لنفسه لا قيدا لمضمونه . فالأوّل كالإجارة وعقد التمتع ، فإنّ مضمون الإجارة تمليك المنفعة المحدودة بقطعة خاصّة من الزمان ، ومضمون عقد التمتع إيقاع الزوجية المحدودة بقطعة خاصّة من الزمان . والثاني : كالبيع ، فإنّ مضمونه النقل المطلق المتعلَّق بالعين ، لا النقل المقيد بكونه من هذا الحين إلى الأبد أو إلى أجل معيّن ، غاية الأمر إنّ الملكيّة بسبب حصول السبب المملَّك صار حاصلا ، وما دام لم يثبت السبب المزيل لها يكون باقيا . والحاصل أنّ حصول الملكيّة في الزمان المتصل بالبيع من جهة صيرورة علَّتها تامّة في هذا الحين ، لا من جهة تقييد الملكيّة المدلول عليها بالعقد بكونها من هذا الحين ، ولهذا لو كان للأمر المتأخّر الحصول عن البيع مدخل في العلَّة - كالقبض في الصرف - كان مبدأ حصول الملكيّة من حين حصول هذا الأمر ، وغاية الأمر أن يكون حينئذ ظرف جزء العلَّة زمانا ، وظرف جزئها الآخر زمانا آخر ، فالإجازة في الفضولي من القسم الأوّل مقتضية لترتّب الآثار من أوّل الزمان الذي جعل في العقد قيدا إلى آخره ، وإن كانت حاصلة بعد انقضاء بعض هذا الزمان أو تمامه ، مثلا لو أجار الفضولي الدار من حين الإجارة إلى انقضاء عام واحد شمسي ، ثمّ أجاز مالك الدار بعد انقضاء ستة أشهر ، فهذه الإجازة تقتضي تملَّك المنفعة