المعلوم تنافيهما ، فالمقصود أنّه لم رجّحت الأوّل على الثاني ، بل أجعل الثّاني قرينة على عدم إرادة الأوّل ، يعني : لا مرجّح في البين ، فلا محيص عن البطلان . الثاني : أن يجعل ذلك قرينة على تنزيل البائع الغير منزلة نفسه في مالكية المبيع ، حتّى يتمشّى منه قصد المعاوضة الحقيقيّة كما ذكر ذلك في بيع الغاصب لنفسه . وأنت خبير بأنّ جعل هذا وجها للبطلان لا يستقيم على مذهبه - قدّس سرّه - في بيع الفضولي لنفسه ، حيث إنّه يصحّحه ويجعل للمالك بإجازته ، بدعوى أنّ فعل الغاصب ينحل إلى شيئين : قصد المعاوضة الحقيقية ودعوى المالكية لنفسه ، فالإجازة متى تحقّقت تصحّح الأوّل ، ولا يعتنى بدعواه الفاسدة ، إذ على هذا لا يكون المقام قاصراً عن ذلك البيع ، فإذا نزل البائع هنا الغير منزلة نفسه ، فقد تحقّق منه القصد إلى المعاوضة الحقيقيّة ، غاية الأمر مقرونا بتطبيق خطئي ، فاللازم الحكم بوقوع البيع لنفسه بلا ترقّب الإجازة ، لأنّ البائع هنا نفس المالك ، وقد تمشّى منه القصد إلى المبادلة الحقيقية . ومن هنا يظهر فساد ما ربّما يتوهّم في دفع ذلك من أنّ المقصود في الاستشكال جعل المعاملة المذكورة بلا صحّة فعليّة إمّا بجعلها باطلة من الأصل ، كما هو مفاد الوجه الأوّل ، وإمّا بجعلها مراعى على إجازة البائع الذي هو المالك ، وهذا مفاد الوجه الثاني ، وليس المقصود من هذا الوجه إسقاط المعاملة عن قابليّة الصحة بالمرّة حتّى يتوجّه الإشكال عليه - قدّس سرّه - بما ذكر . وأمّا كون المعاملة على الثاني محتاجة إلى الإجازة مع كون البائع هو المالك ، فلا ضير فيه بعد وقوع مثله ، كما فيما لو باع الوارث المال بظن حياة مورّثه فبان موته ، فإنّ وقوعه لنفسه يحتاج إلى إجازته .