موقوف على صفة الإكراه وقد فرضنا عدم حكومة الحديث بالنسبة إلى الأثر المأخوذ فيه صفة الإكراه . هذا ما ذكره الأستاذ - دام ظلَّه - ولكنّه بعد محلّ تأمّل ، فإنّه لقائل أن يقول : لا نجعل مجرى الحديث الأثر التأهّلي بوصف الاندكاك ولا بوصف المنحازيّة بل نجعله هذا الأثر غير ملحوظ فيه شيء من الوصفين الثابت لجامع العقد الغير الملحوظ معه الاقتران بالطيب والانفكاك عنه . وقد أجاب - دام ظلَّه - عن ذلك بأنّ الحديث ناظر إلى الآثار الخاصّة الثابتة للموضوعات الخاصّة وليس بناظر إلى جامع الأثر المرتّب على جامع الموضوعات ، فإذا رتّب على الإنسان العالم وجوب الإكرام ، وعلى الإنسان الجاهل حرمته فليس الحديث ناظرا إلى أصل الإلزام المرتّب على أصل الإنسان . وفيه أيضا نظر ، فإنّه على تقدير تسليم هذا التفصيل في الحديث فهو إنّما يسلم لو جعل العقد في الأدلَّة الأوّلية من الأوّل على قسمين ورتّب على كلّ أثر ولكنّه خلاف الواقع ، فإنّه رتّب الأثر في دليل على طبيعة العقد ودليل آخر قسمه بقسمين ، فالدليل الأوّل ليس مثبتا إلَّا جامع الأثر لجامع القسمين . وإذن فلا مانع من حكومة الحديث ولكن نقول : إطلاق الأدلَّة محفوظ بالنسبة إلى حال ارتفاع الإكراه ، وما ذكره - دام ظلَّه - من عدم تعقّل البقاء والارتفاع لعنوان الإكراه إنّما هو مسلم في مثل الكسر والانكسار ، فإذا وقع الكسر بالإكراه فلا يصير في الأزمنة المتأخّرة لا عن إكراه ولو طاب نفسه به ، وأمّا في مثل المقام - حيث إنّ العقد ، أعني : نفس القرار المنشأ باللفظ له بقاء وامتداد ولهذا يعقل له الحلّ والفسخ ويكون في تمام أزمنة وجوده تحت اختيار الإنسان - فما دام