كون الإنسان مطلقا وبلا قيد من ناحية هذا المال وكون المال سائغا وجائزا ونافذا بالنسبة إلى متصرّفة ومن لوازم ذلك أن لا يوجب إتلافه شيئا على متلفه ، ومقتضى هاتين أيضا عدم الفرق بين الاستيفاء وغيره كما هو واضح ، هذا . ولكن ما يخالف ذلك وأوجب مصير بعض إلى الخلاف : النبوي المرويّ من طرق أهل الخلاف المعدود من جوامع الكلم والكلمات القصار وهو قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم : « الخراج بالضمان » [1] والمراد بالخراج ما يخرج من الشيء ، أعني : منافعه ، والباء إمّا للسببية أو للمقابلة ، والمراد بالضمان إمّا الأعمّ ممّا كان بجعل الشرع أو بجعل المتعاقدين فالمعنى أنّ المنافع تكون بإزاء أو بسبب الضمان الثابت على عهدة الشخص ، فكلَّما ثبت الضمان تملَّك الضامن منافع المضمون أو ليس عليه ضمان المنافع ولو لم يتملَّكها وهذا بعينه ما أفتى به أبو حنيفة حيث حكم بسقوط الكراء بضمان البغل ، وقال الإمام - عليه السلام - : « في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتحبس الأرض بركاتها » [2] وبالجملة أخبار الشيعة وإجماعهم على خلاف ذلك . وإمّا خصوص ما أقدم عليه المتعاقدان مع إمضاء الشرع فيختصّ ذلك بالبيوع الصحيحة ، إذ البيوع الفاسدة كما ذكره شيخنا العلَّامة - أعلى الله مقامه - ليس الضمان فيها ممّا أقدم عليه المتبايعان ، وإنّما هو حكم قهري من الشارع . وإمّا خصوص كون تلفه من مال الإنسان ، فالمعنى : كلَّما كان تلف المال من كيس شخص فمنافعه في كيسه ، فيطابق القضيّة المعروفة « من عليه الغرم فله الغنم » . ويؤيّده ما في بعض الروايات : « حيث سئل عن البيع الشرطي إذا جاء
[1] انظر : كنز العمال : 4 / 9698 . [2] الوسائل : ج 13 ، الباب 17 ، في أحكام الإجارة ، ص 255 ، ح 1 .