العقود المصححة عند الشارع تتبع القصود ) . أقول : في هذا الدليل نظر ، وتوضيح النظر يحتاج إلى بيان مدرك قاعدة « العقود تابعة للقصود » . فاعلم أنّه قد استفيدت هذه القاعدة من قوله تعالى : « أَحَلَّ الله الْبَيْعَ » وقوله - عليه السلام - : « الصلح جائز بين المسلمين » وغيرهما من أدلَّة إمضاء العقود ، فإنّ معنى إمضاء البيع مثلا وترويجه [1] : ترتيب أثره المقصود للمتبايعين عليه ، لوضوح أنّ عدم ترتيب الأثر المقصود وترتيب أثر غير مقصود كعدم الترتيب أصلا ، في كونه جعلا لفعل المتبايعين فاسدا ، أفترى أن يكون عدم ترتيب ضمان كلّ من العوضين بالآخر - المقصود بالبيع - عليه ، وترتيب الضمان بالمثل أو القيمة عليه إمضاء له ؟ والحاصل : أنّه يستفاد منها أنّ القاعدة في تمام العقود متابعتها للقصود ، إلَّا ما خرج بالدليل ، وحينئذ فلو كان جعل كلّ من اللزوم والجواز من فعل المتبايعين ، ولم يرتّبه الشارع ورتب الآخر ، كان ذلك منافيا لتلك الأدلَّة . وأمّا لو كان جعلهما بيد الشارع ، وكان فعل المتبايعين جعل الملك المطلق فقط ، فذلك ترتيب الأثر المقصود وشئ آخر غير مقصود ، وهذا غير مناف للأدلَّة ، إذ يصدق أنّ الشارع قد أمضى فعل المتبايعين ، فترتّب الزيادة غير مضرّ بإمضاء فعلهما . وقد اختار السيّد المحشّي - دام ظلَّه - التفصيل بين النوعين من المعاملة والصنفين من نوع واحد ، ففي الأوّل ، جعل اللزوم والجواز بيد المالك ، كالهبة والبيع ، إذ من الواضح أنّ العرف يجوّزون الرجوع في الأوّل دون الثاني ، وفي الثاني