فنقول : أمّا القسم الأوّل وهو المعاطاة المقابل فيها المال بالمال المقصود بها التمليك ، فحكمه قبل وجدان الدليل عدم النفوذ ، فإنّ مقتضى الأصل في جميع ذوات الأسباب - أعني : الأشياء التي تحتاج في وجودها وتحقّقها إلى السبب كالملكيّة والزوجيّة ونحوهما - هو عدم التحقّق ما لم يتيقّن وجود السبب ، ففي أبواب المعاملات لو شكّ في اعتبار قيد في التأثير - كالعربية - وتقدّم الإيجاب على القبول ، لا بدّ من الاحتياط بمراعاة هذا القيد ، وإلَّا فالأصل بقاء مال كلّ أحد على ملكه ، وكذا كلّ سبب لو لم يحتط فيه بمراعاة جميع ما احتمل دخله في تأثيره ، كان مقتضى الأصل عدم ترتّب الأمر المقصود عليه ، فيعمل بهذا الأصل في كلّ مقام إلى أن يوجد دليل حاكم أو وارد عليه ، فلا شكّ أنّ مقتضى الأصل الأوّلي فيما لو شككنا في أنّ هذا القسم من المعاطاة مفيد لملكيّة كلّ من المتعاطيين مال الآخر أم لا ، هو عدم ذلك . ولكن نقول : إنّ الدليل الحاكم على هذا الأصل موجود في المقام ، وهو إطلاق قوله تعالى : « أَحَلَّ الله الْبَيْعَ » [1] ، فإنّه لا شكّ في كونه واردا في مقام الامتنان ، والمناسب لمقام الامتنان أن يكون المراد بيان حلَّية جميع البيوع ، وبالجملة : فهذا الإطلاق وارد في مقام البيان ، فيصحّ التمسّك به للمقام . فإن قلت : لا يمكن التمسّك بهذا الإطلاق ، إذ المشهور أنّ البيع ونحوه من ألفاظ المعاملات أسماء للصحيح منها ، ومن المقرّر في محلَّه أنّ التمسّك بإطلاق الدليل إنّما هو بعد إحراز كون المقام مصداقا لموضوعه ، فلو قال المولى : أعتق رقبة ، فموضوع التكليف - وهو عتق الرقبة - مفهوم مبيّن لا إجمال فيه ، فلو تيقّن وجود