وأمّا لو قال أحدهما : بعتك بشرط كذا ، وقال الآخر : اشتريت بلا هذا الشرط ، فيمكن أن يقال بالصحّة فإنّ الشرط ليس من أركان العقد ، وإنّما هو التزام في التزام ، فالعقد قد حصل ، فإن تعقّبه الإمضاء من الموجب أثّر ، ولهذا لو لم يف بالشرط في صورة قبوله صحّ البيع بالنسبة إلى التمام ويثبت الخيار للمشترط . قال - قدّس سرّه - : ( ومن جملة الشروط في العقد أن يقع كل من إيجابه وقبوله في حال يجوز لكل منهما الإنشاء ) . أقول : إن قلنا بأنّ مفهوم المعاهدة غير قائمة بالاثنين ، ويكفي فيه الطرف الواحد وهو الموجب ، فحينئذ من الواضح أنّه لا يشترط بقاء أهليّة الموجب إلى تمام القبول ، ولا بقاء أهلية القابل من أوّل الإيجاب إلى تمام القبول ، بل يكفي كون الموجب في حال الإيجاب قابلًا وأهلا ، وإن لم يكن الطرف الآخر قابلًا وأهلا في هذا الحال أو خرج عنه بعده ، غاية الأمر إنّ نفوذه يحتاج إلى إمضاء من له الإمضاء ، وإلَّا فالمعاهدة متحقّقة . وأمّا إن قلنا بتوقّف مفهومها إلى الإنشاء من الطرفين ، فحينئذ يمكن الخدشة في بعض الأمثلة التي ذكرها المصنّف - قدّس سرّه - وإن كان بعضها خاليا عن الخدشة ، فإنّه لو مات أو جنّ القابل بعد تمام الإيجاب وقبل صدور القبول كان الإيجاب بلا قبول ، فإنّ المجنون مسلوب العبارة شرعا وعرفا ، وكذا لو صار مغمى عليه في هذا الحال ، وكذا لو كان صغيرا في حال الإيجاب . وبالجملة : فمفهوم المعاهدة لا يصدق في هذه الموارد . وأمّا لو كان محجورا عليه من التصرّفات المالية - لفلس أو سفه أو رقّ - فلأنّه وإن كان ممنوعا من التصرفات لكنّ الإنشاء يتمشّى منه ، لصحّة عقله ، والسفيه هو من لم يكن خبيرا بإصلاح ماله وإن كان عاقلا عالما . وبالجملة فلا