التكليف المولوي ، ولو كانت إرشادا إلى اللزوم ، فهي تدفع تأثير الفسخ قهرا ، واختيار أن الآية تورث وجوب الوفاء تكليفا ، يوجب جواز نقضها بعد الزمان الأول ، لسقوط الأمر بأول مصداقه ، وهو خلاف مقصود المتكلم ، فعليه يتعين حمل الهيئة على الارشاد ، خلافا لمقتضى الأصل الأولي ، بل والثانوي كما عرفت . قلت أولا : لا نلتزم بشمول الآية لتلك العقود ، حتى يلزم ما لزم ، ويقال ما قيل . وثانيا : كما أن فهم العقلاء في جانب النواهي بقاء النهي بالتخلف الأول ، كذلك فهمهم في بعض الأوامر بقاؤه وإن أثم بأول مصداقه ، أو أتى به . مثلا : إذا قال المولى : وقروا كباركم [1] ليس معناه سقوط الأمر بأول التوقير ، بل يجب ذلك في جميع الأزمان ، ومثله قوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) [2] فإنه يلزم الوفاء ما دام العقد باقيا ، وأما لزوم إبقاء الموضوع فلا يتكفل له الأمر بالوفاء به . وهذا من الشواهد العرفية على عدم شمول الآية هذه الموارد ، وتكون إشارة إلى العقود التي أمرها بيد الشرع الأقدس ، ضرورة أن إيجاب الوفاء وتجويز الفسخ غير متلائمين عرفا ، فيعلم منه خروجها رأسا ، فتدبر جيدا .
[1] فضائل الأشهر الثلاثة : 77 / 61 ، وسائل الشيعة 10 : 313 ، كتاب الصوم ، أبواب أحكام شهر رمضان ، الباب 18 ، الحديث 20 . [2] المائدة ( 5 ) : 1 .