وفي كفاية الاتفاق والاجماع [1] إشكال . وتوهم السيرة غير المردوعة [2] ، غير تام ، لما أن السيرة - خصوصا في تلك الأعوام - على المعاطاة ، ولو اتفق أحيانا العقد اللفظي ، فهو ليس إلى حد يكون بمرأى ومسمع من الشرع ، كما لا يخفى . اللهم إلا أن يقال : العقد اللفظي عقد لغة وعرفا ، وعمومات المسألة تشمله ، فيعلم منها صحته ونفوذه ولزومه . أو يقال : بأن الأدلة لو فرضنا قصورها عن إثبات حكم - كما سيأتي تفصيله في ذيل هذه الجهة - يمكن دعوى صحة العقد اللفظي ، للعلم بعدم الخصوصية ، فلو كان عند العقلاء عقدا صحيحا وموضوعا لاعتبارهم ، فعدم الردع المطلق وإن كان لا يكفي ، إلا أن وحدة الحكم تستكشف من الموضوع المسانخ ، كما لا يخفى ، فليتدبر . فتحصل : أن الدليل الوحيد على صحة العقد اللفظي ، هي الأدلة اللفظية والروايات الخاصة [3] .
[1] الغنية ، ضمن الجوامع الفقهية : 524 / السطر 26 ، مفتاح الكرامة 4 : 154 . [2] المكاسب ، الشيخ الأنصاري : 86 / السطر 8 . [3] وهي المآثير التي استدل بها على اعتبار اللفظ في صحة البيع ( أ ) ، فإنها وإن لم تدل عليه ، إلا أنها تدل على كفاية العقد اللفظي ] منه ( قدس سره ) [ . ( أ ) القاسم بن سلام بإسناد متصل إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنه نهى عن المنابذة والملامسة وبيع الحصاة . المنابذة يقال : أنها أن يقول لصاحبه : أنبذ إلي الثوب أو غيره من المتاع أو أنبذه إليك ، وقد وجب البيع بكذا ، ويقال : إنما هو أن يقول الرجل إذا نبذت الحصاة فقد وجب البيع وهو معنى قوله : إنه نهى عن بيع الحصاة . والملامسة أن يقول : إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع بكذا ، ويقال : بل هو أن يلمس المتاع من وراء الثوب ولا ينظر إليه فيقع البيع على ذلك . وهذه بيوع كان أهل الجاهلية يتبايعونها ، فنهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عنها لأنها غرر كلها . معاني الأخبار : 278 ، وسائل الشيعة 17 : 358 ، كتاب التجارة ، أبواب عقد البيع وشروطه ، الباب 12 ، الحديث 13 . ابن أبي عمير ، عن يحيى بن الحجاج ، عن خالد بن الحجاج قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) الرجل يجئ فيقول : اشتر هذا الثوب ، وأربحك كذا وكذا ، قال : أليس إن شاء ترك ، وإن شاء أخذ ؟ قلت : بلى ، قال : لا بأس به إنما يحل الكلام ، ويحرم الكلام . تهذيب الأحكام 7 : 50 / 216 ، وسائل الشيعة 18 : 50 ، كتاب التجارة ، أبواب أحكام العقود ، الباب 8 ، الحديث 4 . علي بن جعفر ، عن أخيه ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل باع بيعا إلى أجل فجاء الأجل والبيع عند صاحبه ، فأتاه البائع ، فقال له : بعني الذي اشتريته مني ، وحط عني كذا وكذا ، وأقاصك بمالي عليك ، أيحل ذلك ؟ قال : إذا تراضيا فلا بأس . قرب الإسناد : 266 ، وسائل الشيعة 18 : 71 ، كتاب التجارة ، أبواب أحكام العقود ، الباب 16 ، الحديث 23 . الحلبي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في رجلين اشتركا في مال وربحا فيه ربحا وكان المال دينا عليهما ، فقال أحدهما لصاحبه : أعطني رأس المال والربح لك وما توى فعليك ، فقال : لا بأس به إذا اشترط عليه . . . تهذيب الأحكام 7 : 25 / 107 ، وسائل الشيعة 18 : 17 ، كتاب التجارة ، أبواب الخيار ، الباب 6 ، الحديث 4 . عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : إن المصاحف لن تشترى ، فإذا اشتريت فقل : إنما أشتري منك الورق ، وما فيه من الأديم ، وحليته ، وما فيه من عمل يدك بكذا وكذا . الكافي 5 : 121 / 1 ، وسائل الشيعة 17 : 158 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، الباب 31 ، الحديث 1 . بريد بن معاوية ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في رجل اشترى من رجل عشرة آلاف طن قصب في أنبار بعضه على بعض من أجمة واحدة ، والأنبار فيه ثلاثون ألف طن ، فقال البائع : قد بعتك من هذا القصب عشرة آلاف طن ، فقال المشتري : قد قبلت واشتريت ورضيت ، فأعطاه من ثمنه ألف درهم ، ووكل المشتري من يقبضه فأصبحوا وقد وقع النار في القصب فاحترق منه عشرون ألف طن وبقي عشرة آلاف طن ، فقال : العشرة آلاف طن التي بقيت هي للمشتري ، والعشرون التي احترقت من مال البائع . تهذيب الأحكام 7 : 126 / 549 ، وسائل الشيعة 17 : 365 ، كتاب التجارة ، أبواب عقد البيع وشروطه ، الباب 19 ، الحديث 1 . عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته عن بيع الثمرة هل يصلح شراؤها قبل أن يخرج طلعها ؟ فقال : لا ، إلا أن يشتري معها شيئا غيرها رطبة أو بقلا ، فيقول : أشتري منك هذه الرطبة وهذا النخل بكذا وكذا . . . الكافي 5 : 176 / 7 ، وسائل الشيعة 18 : 219 ، كتاب التجارة ، أبواب بيع الثمار ، الباب 3 ، الحديث 1 .