زماننا هذا أيضا - بأن يقال : إن الرواية الدالة على ثبوت القرعة في المورد المفروض مشعرة بكون هذا المورد أيضا من موارد تزاحم الحقوق ، لأنه قد عبر فيها بعد الحكم بالقرعة واستخراج الموطوءة بها ، بأنه قد نجت سائرها ، فإن نجاة السائر إنما هي مع التزاحم كما لا يخفى [1] . نعم لا بد من ملاحظة الطائفة الأولى الدالة بظاهرها على أن كل مجهول ففيه القرعة ، ونقول : إن عمدة ما يمكن أن يكون مستندا للعموم هي رواية محمد بن حكيم المتقدمة [2] ، وحيث إن السؤال فيها ناقص ، ضرورة أن السؤال عن الشئ لا ينطبق عليه الجواب [3] بثبوت القرعة لكل أمر مجهول ، بل نفس هذا السؤال لا يكاد يصدر من عاقل ، فهذا يكشف عن أن السؤال كان عن أمر لم ينقل لنا ، وحينئذ يبقى احتمال أنه لو كان السؤال مذكورا لنا ، لكان من الممكن أن يكون قرينة على عدم شمول الجواب لجميع الموارد ، هذا مع أنه لو أغمض النظر عن ذلك نقول : قد عرفت أن القرعة ليست أمرا شرعيا اخترعه الشارع ، بل كانت معمولا بها عند العقلاء قبل الشرع
[1] وفيه : أن التعبير بذلك بلحاظ كون الأغنام ذوات النفوس الحيوانية ، لا بلحاظ تزاحم الحقوق لأربابها . [2] تقدمت في ص 43 - 44 . [3] وفيه : أن مجرد ذلك لا يضر بالعموم ، وإلا يسقط الحديث عن قابلية الاستدلال بالمرة ، لاحتمال أن يكون مراد الراوي من الشئ أمرا مباينا لما له واقع معلوم .