مشروعية القرعة بنحو الإطلاق ، وإن وقع بينهم الاختلاف في موارد متعددة ، لكن أصل اعتبار القرعة بنحو الإجمال لم يقع موردا للإنكار والخلاف بوجه ، ولكن الظاهر أنه بعد دلالة الكتاب والسنة المستفيضة بل المتواترة إجمالا على مشروعية القرعة ، لا يبقى للإجماع أصالة ، ولا يكون دليلا مستقلا في عرض الكتاب والسنة ، لأنه من المحتمل بل المقطوع أن يكون مستند المجمعين الكتاب والسنة ، فالإجماع حينئذ لا يكون حجة برأسه . الرابع : بناء العقلاء على الرجوع إلى القرعة في بعض الموارد ، وقد أشرنا إلى أن المساهمة المحكية في الكتاب في موردين ، لعلها كانت هي المساهمة العقلائية الجارية في مثل الموردين ، من اشتباه العبد الآبق على نقل ، أو إشرافهم على الغرق ، فرأوا طرح واحد منهم لنجاة الباقين على نقل آخر ، ومن يتكفل مريم من الأشخاص المتعددين ، فالظاهر ثبوت هذا البناء وعدم الردع عنه في الشريعة ، بل تحقق الإمضاء بمقتضى الكتاب والسنة ، لكن الكلام في ضابط المورد الذي يرجع فيه العقلاء إلى القرعة ، وسيأتي بيان الضابط في تحقيق مفاد الروايات [1] .
[1] أقول : ويمكن الاستدلال بالعقل كما عن الشهيد في قواعده ، حيث قال : لأن في القرعة عند تساوي الحقوق والمصالح ووقوع التنازع ، دفعا - أي في إعمال القرعة - للضغائن والأحقاد ، والرضا بما جرت به الأقدار وقضاء الملك الجبار . ففيها من المصلحة الملزمة بما لا يجوز للحكيم إهمالها وعدم التوجه بها ، فلا بد من تشريعها . وقال صاحب العناوين عند الشك في الموضوع وفقد المرجح وصيرورته مشكلا ، يلزم من عدم امتيازه ( أي الموضوع ) اختلال النظام والهرج والمرج . . . وإثارة الفتنة . . . فهذا هو " الأمر المشكل " الذي يتبع فيه القرعة . . . وجعل هذه الطريقة لطف عظيم حاسم لمادة الجدال والنزاع من أصله ، إذ لا يرد في ذلك شئ . . . ( العناوين : 1 / 359 ) .