معاملة سفهية باطلة قطعاً . هنا إشكال : وهو أنّه ربما لا يكون للشيء مالية بحسب الذات ، ولكن يتحقّق له قيمة من جهة خاصّة مثلما إذا وجد الولد خطَّ أبيه في ورقةٍ ممزّقة ، فعلى الرغم من عدم المالية لتلك الورقة بالذات يرغبها رغبةً كاملة من جهة العلاقة بالأب فيشتريها بثمنٍ غالٍ . وعليه ، فلا يكون التموّل هو شرط العوضين في مطلق الأحوال . والتحقيق : أنّه لا مجال لهذا الإشكال ، وذلك لأنّ القيم المالية تختلف باعتبار العلاقات . فمنها ما يكون له قيمة عامّة ( على أساس العلاقة العامّة كالمأكولات والمشروبات مثلاً ) . ومنها ما يكون له قيمة خاصّة ( على أساس العلاقة الخاصّة كالآلات الصناعية لأهل صناعة خاصّة ) . ومنها ما يكون له قيمة نادرة ( على أساس العلاقة النادرة كالمثال المذكور في الإشكال ) كلّ ذلك كان من القيم المالية عند الناس ( العقلاء ) ، ولا تضرّ ندرة العلاقة في تحقّق المالية ، ومن الجدير بالذكر أنّ مالية الأشياء العتيقة ( النفائس ) تكون على أساس العلاقة النادرة ولا يمكن استنكارها . ( الثالث ) التعيين : يشترط في البيع تشخيص الأموال وتبيين خصائصها ( بالمشاهدة والمقاييس وغيرها ) إلى حدٍّ يرفع الجهالة ، وذلك للزوم الضرر والغرر . فإذا تحقّق البيع بدون تعيين المبيع أو الثمن يصبح غررياً ، وهو منهيّ بالحديث المشهوريين الفريقين : نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع الغرر [1] . ويمكن استفادة الحكم من الروايات الواردة في الباب ، منها صحيحة الحلبي
[1] عوالي اللآلي : ج 2 ص 248 ، بحار الأنوار : ج 70 ص 304 ، مسند أحمد بن حنبل : ج 1 ص 116 ، المجموع للنووي : ج 6 ص 90 .