نام کتاب : فقه المصارف والنقود نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 312
فتحصّل من كلّ هذه الروايات أنّ القاعدة ثابتة سنداً ، وأنّ مفادها هو الاحتمال الأوّل الذي اختاره الشيخ الأنصاري - لا المعنى الثالث الذي تمايل إليه المحقّق الإيرواني ( رحمه الله ) - وذلك لدلالة نفس الروايات ، وأنّ التعبير بالعنديّة فيها كناية عن القدرة . فائدة : ليس المراد في كثير من الروايات المصداق المنسبق من المعنى اللغوي ، بل يراد منها مصداقه الأوسع أو الخفي أو الكنائي . ف - ( العنديّة ) في التصوّر الحسّي هو الحضور المكاني ، وأمّا في عالم الاعتبار فهي بمعنى مطلق القدرة والوجدان ، كما أنّ في قوله ( صلى الله عليه وآله ) : « عند ربّي » ليس المراد منه المكان ، و ( العنديّة ) هي مطلق الحضور . ونظيره ما ورد في الباكر حيث يشترط في صحّة العقد عليها رضى أبيها ، وأكثر الفقهاء لا يذهبون في معنى الباكر بأنّها « مَن لها بكارة » وإن كان هو المنسبق من معناه اللغوي ، وإنّما الباكرة هي التي لم تتزوّج . فإذا تزوّجت وإن لم يفضّها الزوج فتكون ثيّبة ، فإن طلّقت ففي الزواج الثاني لا تحتاج إلى الإجازة ، فالتي ترى الزوج لا يقال لها ( باكرة ) ، وكذلك العكس لو افتضّت بكارتها لمرض قبل الزواج ، فإنّه يقال لها : ( بكر ) ، ونظيره كثير في عناوين الموضوعات في الأحكام الواردة في الروايات ، فإنّه لايراد بها المعنى المنسبق من اللغة ، بل المراد بها المعنى الكنائي . ثمّ إنّه بعد ثبوت هذه القاعدة قد استدلّ الفقهاء بها على لزوم القدرة على التسليم في البيع في ظرف الاشتراط ، وقد تقدّم أنّ هذه القاعدة ليست مختصّة بالعين الشخصيّة ، بل تعمّ العين الكلّية . وإنّ هذه المفاسد ليست إرشاداً محضاً إلى البناء العقلائي ، بل متضمّنة لتعبّد زائد ، والوجه في ذلك أنّ بين هذه القاعدة الشرعيّة والبناء العقلائي موارد اشتراك وافتراق . فمن موارد الاشتراك والتطابق أنّ من ليس عنده بعض المبيع كمن لا يقتدر عليه أبداً عندهم ، وأمّا موارد الافتراق فمنها من يستطيع تحصيل المبيع في ما بعد مدّة ولا يستطيع عليه الآن ، كأن يبيع عشرة أكيال من البطيخ - الذي لا يوجد في الشتاء
312
نام کتاب : فقه المصارف والنقود نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 312