بينهما جدّاً ، بل الأمر بالعكس ، نظراً إلى ما دلّ على اعتبار العلم في الشهادة زيادةً على ما هو الأصل في كلّ شيء . لكن يمكن الاستدلال على كفاية الظنّ بأنّ الاقتصار على العلم في الشهادة بالعدالة حرج شديد موجب لاختلال أمور المسلمين ، لانسداد طريق العلم إليها غالباً ؛ فلا بدّ من الاكتفاء بالظنّ كسائر ما يغلب فيه انسداد باب العلم . مضافاً إلى ظاهر الأخبار البالغة حدّ الاستفاضة أو التواتر الواردة في الباب ؛ فإنّ أقلّ ما تدلّ عليه هو الاتّكال والاعتماد في ترتيب آثار العدالة على الصلاح الظاهري المفيد للظنّ . " [1] هذا ، وقد ذهب المحقّق الآشتياني ( رحمه الله ) إلى نفس القول أيضاً [2] . أقول : وأمّا وجه اشتراط العلم في الجارح وكونه مقتضى القاعدة في المعدّل ، فلأنّ العلم في الشهادة ليس طريقيّاً بل هو موضوعي . وعلى هذا فإذا أخذ العلم موضوعاً ، ولو على وجه الصفة فإنّ الأمارات والأصول لا تقوم مقامه ، إلاّ بدليل زائد على دليل اعتباره . وإذا أخذ على وجه الطريقيّة وقلنا في حجّيّة الأمارات بأنّها متمّمة للكشف حينئذ ، تقوم الأمارات مقام العلم . وإذا قلنا : إنّ المؤدّى لا يقوم مقامه إلاّ بدليل آخر مضافاً إلى دليل اعتباره ، فحينئذ نحتاج إلى دليل خاصّ يقال بجواز الشهادة اعتماداً عليه ؛ كما يمكن إثباته في حسن الظاهر تمسّكاً بقوله ( عليه السلام ) : " إذا كان ظاهره مأموناً جازت شهادته " [3] . قال الشهيد الثاني ( رحمه الله ) : " إن لم يبلغوا ( أي المخبرون ) حدّ العلم ، لكنّه استفاض وانتشر حتّى قارب العلم ، ففي جواز الجرح به وجهان : من أنّه ظنّ في الجملة ، وقد نهى الله عن اتّباعه إلاّ ما استثني ؛ ومن أنّ ذلك ربما كان أقوى من البيّنة المدّعية للمعاينة ، كما مرّ في
[1] كتاب القضاء ، ج 1 ، صص 138 و 139 . [2] كتاب القضاء ، ص 76 . [3] وسائل الشيعة ، الباب 41 من أبواب الشهادات ، ح 3 ، ج 27 ، ص 393 .