الحكم أم قبل إجرائه . 2 - إذا أقرّ القاضي عدالة الشاهد وحكم اعتماداً على شهادته ، فهذا الحكم معتبر عنده وعند من يرى الشاهد عادلاً . وأمّا عند من يعلم بفسقه من الناس ، فلا يكون الحكم نافذاً عنده ؛ ذلك لأنّ عدالة الشاهد شرط واقعي ، والمفروض أنّ هذا الشخص يعلم بفقد الشرط وحينئذ فلا ينفذ الحكم عنده . وكذا بالنسبة للذين لا يعرفون الشاهد ويتوقّفون في فسقه وعدالته ، فمقتضى القاعدة ألاّ يكون الحكم نافذاً عندهم أيضاً ، لأنّ الشكّ في الشرط حاصل وأصالة العدم جارية . فإن قيل : إنّ القاضي ينوب عن هؤلاء في إحراز الشرط فإذا أحرز الشرط وقضى بحسبه ، فكأنّما أحرزه هؤلاء . ولا يخفى أنّ القائلين بمثل هذا إنّما قاسوا باب القضاء بباب الإفتاء مع أنّه فرق بينهما . أجل ، فقد استشكل في باب الإفتاء بأنّ العمل بالأمارة أو الأصل ، هي وظيفة الشاكّ بعد الفحص . وعليه ، فالمجتهد إذا كان شاكّاً في أحكام نفسه ، فله أن يعمل بها طبقاً للقاعدة . وأمّا بالنسبة للمقلّد الذي ليست له صلاحيّة الرجوع إلى الأدلّة ، كيف يمكنه العمل بها اعتماداً على استنباط المجتهد ، في حين أنّه ليس له شكّ فعليّ ، بل هو غير ملتفت إلى شكّ المجتهد ولا يمكنه في الوقت ذاته الفحص عنه ؟ فقد يقال في الجواب بأنّ المقلّد لمّا كان فاقداً لشرائط الاجتهاد والاستنباط ، فالمجتهد ينوب عنه في ذلك . ولا يخفى أنّ هذا الجواب ، حتّى لو صحّ في باب الإفتاء - وهو ليس بصحيح - لا وجه له أصلاً في باب القضاء ، لأنّ المكلّف في باب الإفتاء ، أعمّ من المجتهد والمقلّد وأنّ التكليف بالسعي لتحصيل الأحكام ، إنّما هو متوجّه إلى العموم . ولمّا كان العدد الأكبر من الناس ، ليست له الأهليّة لمتابعة شرائط ذلك السعي ، وليس بممكن توقّعه منهم ، ففي مثل هذه الحالة ، يقوم المجتهد بالأمر نيابة عنهم . وهذا هو غير ما في القضاء بل بخلافه ، حيث إنّ القاضي مكلّف شخصيّاً بذلك دون غيره . ثمّ إذا كلّف غيره بمعرفة الأشخاص ، أمكن أن يكون ذلك أيسر لهم من القاضي ، فلا وجه لنيابة القاضي عنهم .