وفيه : وإن سلّمنا بأنّ ظاهر الحديث يدلّ على الحصر لوجود " إنّما " فيه ، لكن لا شكّ في أنّه ينبغي بل يلزم رفع اليد عن الحصر ، لما سبق آنفاً ، خاصّة بدلالة الأحاديث الأخر . مضافاً إلى أنّ عمل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) والأئمّة ( عليهم السلام ) بعلمهم ممّا لا كلام فيه ، ومورد الحديث هو قضاؤه ( صلى الله عليه وآله ) والظاهر أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) أراد أن يذكر أنّه لا يقضي بعلم الغيب . 3 - خبر ضمرة بن أبي ضمرة عن أبيه عن جدّه قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " أحكام المسلمين على ثلاثة : شهادة عادلة أو يمين قاطعة أو سنّة ماضية من أئمّة الهدى . " [1] وفيه : أنّ الحديث وإن كان ظاهره الحصر في ثلاثة ولكن بملاحظة أنّ الرواية السابقة دلّت على الحصر في اثنين يعلم أنّ الحصر إضافي ولا ينافي حجّيّة علم القاضي . هذا ، ولعلّ من السنّة الماضية من الأئمة ( عليهم السلام ) هو الحكم بالعلم كما دلّت عليه أدّلة الجواز . ومثل هذه الروايات ، الأخبار الكثيرة التي دلّت على حصر الحكم بالبيّنة واليمين في أبواب مختلفة [2] . ومن العجب ما قاله المحقّق العراقي ( رحمه الله ) في ما روي مرفوعاً عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : " القضاة أربعة : ثلاثة في النار وواحد في الجنّة ؛ رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم فهو في الجنّة . " [3] وإليك نصّ عبارته قال ( رحمه الله ) : " نعم يمكن إثبات جواز القضاء بعلمه من عموم " رجل قضى بالحقّ وهو يعلم " بناءاً على أنّ المراد : يعلم المدّعي به ، بقرينة الحقّ في الفقرة الأخرى ، وعليه ينفذ حكمه في حقّه وحقّ
[1] نفس المصدر ، الباب 1 ، ح 6 ، ص 231 . [2] نفس المصدر ، الباب 15 ، ص 271 وما بعدها ؛ والباب 2 من أبواب مقدّمات الحدود ، ج 28 ، ص 14 وما بعدها ، وراجع أيضاً : مسند أحمد ، ج 1 ، ص 336 لما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في قضيّة الملاعنة : " لو كنت راجماً من غير بيّنة لرجمتها " والباب 12 من أبواب مقدّمات الحدود ، ج 28 ، ص 26 وما بعدها ، والباب 12 من أبواب حدّ الزنا ، ج 28 ، ص 94 وما بعدها . [3] وسائل الشيعة ، الباب 4 من أبواب صفات القاضي ، ح 6 ، ج 27 ، ص 22 .