في غيرهما من الموارد الأخر ، وما ذاك إلاّ لأنّ الجميع من مقولة واحدة . أقول : لا يخفى بأنّ حقيقة هذا الاستدلال إنّما يرجع إلى كون الأحكام في الحقيقة متعلّقة بالعناوين الواقعيّة . وعليه ، فمتى ما علم القاضي بأنّ الموضوع الفلاني قد تحقّق ، فقد علم بثبوت الحكم له ، فمقتضى القسط والعدل الواجب رعايتهما ، هو وجوب الحكم بما أنزل الله تعالى ؛ فإنّ حكم الله تعالى ثابت في حقّه . ويلزم من ذلك أنّ المتصدّي للقضاء لو لم يحكم حسب علمه أو حكم بخلافه ، فقد حكم بخلاف الحقّ والقسط ، ولا شكّ بأنّ هذا باطل وحرام . فلو اعترض بأنّ هذا أوّل الكلام ؛ بمعنى أنّ عنصر الحقّ والعدل لا يتحقّق إلاّ بعد الحكم على وفق البيّنة والإقرار ، فأقول : لو كانت حجّية البيّنة والإقرار من باب الموضوعيّة والسببيّة ، ولو بنحو جزء الموضوع ، لكان الاعتراض وارداً ولكن ليس الأمر كذلك ، وإنّما هي بمقتضى أدلّتها من باب الطريقيّة ، وإنّما يلتجأ إليهما للكشف عن الواقع ؛ بمعنى أنّهما قائمان مقام العلم . وهذا ما يفهمه كلّ من تصدّى لمعرفة أدلّة حجّيّتهما . وحيث إنّ العلم أيضاً طريق وكاشف عن الواقع بل هو الطريق الأصيل ، فيا ترى لم لا يكون حصوله كافياً في هذا المجال ؟ نعم ، لو كان هناك دليل صريح وقاطع ، بأنّ حجّيّة البيّنة واليمين في باب القضاء ، إنّما يرد على نحو الموضوعيّة ، فيكون ذلك الدليل مقدّماً على تلك الأدلّة ، لصراحته ووضوح بيانه ولحكومته على الأدلّة الأوّليّة ، ولكن دون إثبات ذلك خرط القتاد . إلاّ أن يقال : إنّ الآيتين ليستا في مقام بيان الموضوع وشرائطه وطرق إثباته ، بل في مقام بيان تشريع أصل الحكم ؛ فلا يمكن التمسّك بإطلاق الآيات . الطائفة الثانية : الآيات التي أمرت بالحكم بالعدل والقسط والحقّ مثل قوله تعالى :