يكون له كفاية أو لا كفاية له ، فإن كانت له كفاية حرم عليه أخذ الرزق لأنّه يؤدّي فرضاً قد تعيّن عليه ، ومن أدّى فرضاً لم يحلّ له أخذ الرزق عليه مع الاستغناء عنه وإن لم يكن له كفاية حلّ ذلك لأنّ عليه فرض النفقة على عياله وفرضاً آخر وهو القضاء وإذا أخذ الرزق جمع بين الفرضين لأنّ الرزق يقوم مقام الكسب ، فكان الجمع بين الفرضين أولى من إسقاط أحدهما . " [1] وقال أيضاً : " إذا أراد الإمام أن يولّي قاضياً نظر ، فإن وجد متطوّعاً ولاّه ولا يولّي من يطلب عليه رزقاً ، روى عثمان بن أبي العاص قال : " أمرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حين أمّرني على الطائف أن لا اتّخذ مؤذّناً يأخذ على الأذان أجراً " . فإن لم يجد متطوّعاً كان له أن يولّي القاضي ويرزقه من بيت المال . وروي أنّ عليّاً ( عليه السلام ) ولّى شريحاً وجعل له كلّ سنة خمسمائة درهم ، وكان عمر قبله قد جعل له كلّ شهر مائة درهم . وروي أنّ الصحابة أجّروا لأبي بكر كلّ يوم درهمين . وروي كلّ يوم شاتين شاة بالغداة وشاة بالعشيّ ، وألف درهم في كلّ سنة ، فلمّا ولّي عمر قال : " لا يكفيني ذلك " فأضعفوه له ، فجعلوا له في كلّ يوم أربع شياة وفي كلّ سنة ألفي درهم . فعلى هذا يجوز للقاضي والقاسم وكاتب القاضي وصاحب الديوان وصاحب بيت المال والمؤذّنين أن يأخذوا رزقاً من بيت المال ، وإن فعلوا ذلك احتساباً كان أفضل وأفضل من ترك ذلك المؤذّن . ويجوز أن يأخذ الجعل من يكيل للناس ويزن لهم ويعلّمهم القرآن والنحو وما يتأدّبون به من الشعر ، وما ليس فيه مكروه ، وأمّا ما يجوز أن يستأجر عليه وما لا يجوز فقد ذكرناه في غير موضع . وجملته أنّ كلّ عمل جاز أن يفعله الغير عن الغير تبرّعاً جاز أن يفعله بعقد إجارة كالخياطة والبناء ، وكلّ عمل لا يفعله الغير عن الغير وإذا فعله عن نفسه عاد نفعه إلى الغير