3 - الشهرة : كما نقلها العاملي والأردبيلي ( رحمهما الله ) [1] ولكنّها لا تكون دليلاً .
4 - الدليل العقلي : وهو المهمّ وبيانه أنّه لو اشترط ذلك برضا الطرفين لكان عندئذ قول الحَكَم كثيراً ما لغواً ، لأنّه لا يتحقّق في أكثر الموارد رضا الطرفين ، وفي الموارد النادرة إذا حصل رضا الطرفين لسبب من الأسباب فليس الحاسم لمادّة الخصومة حكم الحَكَم ، وإنّما الحاسم لها هو رضا الطرفين . مع أنّ ظاهر إطلاق التحكيم واتّفاق طرفي النزاع على الرجوع إلى المحكمة هو الرضا بقوله ولزومه عليهما كما هو كذلك في نظر العرف كما مرّ .
ولو كان الحكم لا يلزم بنفس الالتزام والانقياد لما كان للترافع إليه معنى ، نعم لو كان قصد الطرفين قبل الرجوع إلى الحَكَم هو لزوم العمل بحكمه بشرط رضاهما بعده ، لكان ذلك جائزاً ولكنّه لا يكون تحكيماً مصطلحاً بل يكون هو الرجوع إلى الخبرة مثلاً . وكذلك للطرفين أن يحدّدا موضوع الحكم وحدوده التي يحكم فيه المحكّم .
خلاصة الكلام أنّ التضادّ والمنافاة بين الرجوع إلى الحَكَم ليحكم بين المتنازعين والقول بتعليق نفوذ حكمه على رضا الطرفين بعد الحكم لا يكاد يخفى على أحد .
أضف إلى ذلك ، أنّه لو كان شرط قبول الطرفين معتبراً بعد الحكم الصادر من قاضي التحكيم للزم حينئذ تفسير المراد من البعديّة أيضاً ؛ هل المراد منها هو الزمان المتّصل بالحكم أم البعديّة المطلقة ، أم هو القول بالتفصيل ؟ ! ولكن لمّا كان أصل هذا الاعتبار عندنا غير صحيح فلا داعي لتضييع الوقت في البحث عنه . مضافاً إلى أنّ القول بالبعديّة يلزم منه بقاء مادّة النزاع إلى الأبد .
ولا بدّ من أن نذكر أيضاً إذا كان الحَكَم جامعاً لشرائط القاضي المنصوب بالنصب العامّ كما هو ظاهر رواية أبي خديجة والمقبولة وغيرها يكون حكمه لازماً عليهما وإن كان قصدهما التحكيم لا القضاء .

[1] مفتاح الكرامة ، ج 10 ، ص 3 - مجمع الفائدة والبرهان ، ج 12 ، ص 17 .

124