الصحيحة ، وأنزل عليه القرآن دستورا جامعا لكل الأسس وجميع القواعد الممهدة لهذه العولمة ، وجعلها شاملة لكل الجوانب الفكرية والاقتصادية والسياسية والمدنية وجامعة لكل عوامل النمو والازدهار ، والعدل والأخلاق . مثلا : إن القرآن الحكيم يدعو الناس كل الناس إلى أصلين رئيسيين من أصول العولمة الصحيحة ودعامتين من دعائهما وأركانها ، إلا وهما : كلمة التوحيد ، وتوحيد الكلمة . وبعبارة أخرى : إنه يدعوهم في جانب العقيدة إلى وحدة الاعتقاد بالمبدأ وهو الله الخالق الرازق ، والعدل الحكيم ، الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم بلا مشير ولا معين ، ولا ند ولا شريك فيقول : * ( إن إلهكم لواحد * رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ) * [1] ، ومن المعلوم أن العقيدة الصحيحة هي الأساس الرصين للعولمة الصحيحة . كما يدعو في جانب العمل إلى الاتحاد والانسجام ، والتكاليف والتعاضد ، وتوحيد الكلمة على التقوى والفضيلة ، وعلى الود والمحبة ، وعلى التراحم والتواصل فيقول : * ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ) * [2] . وجعل دعامة هذه الأمة الواحدة ، وعمودها الفقري ، متقوما بنظام اقتصادي لم يسبق له مثيل ، ولن يأتي له نظير ، إنه لا يشبه الاشتراكية ، ولا يماثل الرأسمالية ، بل هو نظام وحيد في نوعه ، فريد في شكله ، منسجم مع فطرة الإنسان وعقله ، محقق لطموحه وآماله ، جامع بين العدل والأخلاق ، والنمو والازدهار ، ومن الواضح : إن توحيد الكلمة هي أيضا الركن الوثيق الآخر للعولمة الصحيحة . إن القرآن الحكيم جعل محور هذين الأصلين ، ومركز هاتين الدعامتين : القيادة الواحدة والزعامة الموحدة هي الولاية لله الحكيم ، خالق الإنسان ، العارف بمصالحه ، والرحيم به ، ثم جعلها لبشر معصومين من الخطأ والاشتباه ، ومن الظلم والاستبداد ،
[1] سورة الصافات : 4 - 5 . [2] سورة المؤمنون : 52 .