العامل الثاني : سيطرة التطور التقني والفني على مجالات العمل والعمالة ، وظهور الآلات المتطورة على الساحة ، الموفّرة للوقت والجهد الإنساني ، الأمر الذي دعا المشاريع العملاقة التي تطبق أساليب العمل الفني والتقنيات إلى إلغاء الوظائف أكثر من إيجادها ، وإلى إجراء عمليات تصفية عمالية إن صح التعبير وذلك باستمرار على نطاق واسع وفي مختلف الشركات العملاقة ، ومعلوم أن هكذا تصفيات تؤدي إلى إلغاء كثير من الوظائف ، وإلى خفض مدهش في عنصر العمل وتقليص الأيادي العاملة . مثلاً في أمريكا وقبل خمسة أعوام صدر عن منظمة العمل الدولية تقرير سنوي عن العمالة لعام واحد يقول : تم القضاء بالفعل على ما يقرب من مليوني وظيفة في قطاع الصناعات التحويلية ، بينما كان قبل عشرين عاما تقريباً يعمل بها مائة وعشرون ألف عامل ، ولكن انخفض عددهم بعد عشر سنوات إلى عشرين ألف عامل فقط ، مع إنهم كانوا ينتجون نفس القدر من المنتجات بلا زيادة ولا نقيصة . ومن المعلوم : إن هذا التخفيض إذا لم يوفر أعمالا بديلة سوف يؤدي إلى نتائج غير محمودة ، مثل حصول جيش من العاطلين ، ومثل تخفيض أجور ومرتبات العمال والموظفين ، ومثل تقلص الكثير من المزايا والحقوق التي كانوا يحصلون عليها من قبل ، وغير ذلك .