وشغرت [1] قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع المفارقين وخذلته مع الخذلين وخنته مع الخائنين فلا ابن عمك آسيت ولا الأمانة أديت وكأنك لم تكن الله تريد بجهادك وكأنك لم تكن على بينة من ربك وكأنك إنما كنت تكيد هذه الأمة عن دنياهم وتنوي غرتهم عن فيئهم فلما أمكنتك الشدة في خيانة الأمة أسرعت الكرة وعاجلت الوثبة واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله غير متأثم من أخذه كأنك لا أبا لغيرك حدرت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك ، فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد أومأ تخاف نقاش الحساب أيها المعدود كان عندنا من أولي الألباب كيف تسيغ شراباً وطعاماً وأنت تعلم أنك تأكل حراماً وتشرب حراماً وتبتاع الإماء وتنكح النساء من أموال اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال وأحرز بهم هذه البلاد فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن إلى الله فيك ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحداً إلا دخل النار ، ووالله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة ولا ظفرا مني بإرادة حتى آخذ الحق منهما وأزيح الباطل عن مظلمتهما وأقسم بالله رب العالمين ما يسرني أن ما أخذته من أموالهم حلال لي أتركه ميراثاً لمن بعدي فضح رويداً فكأنك قد بلغت المدى ودفنت تحت الثرى وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي الظالم فيه بالحسرة ويتمنى المضيع فيه الرجعة ولات حين مناص » [2] .
[1] شغرت : لم يبق فيها من يحميها . [2] نهج البلاغة ، الرسائل : 41 من كتاب له ( عليه السلام ) إلى بعض عماله .