والذي يزيد من هذه المخاوف هو : ظهور عدة نظريات غربية متسرّعة في أعقاب سقوط حائط برلين في ألمانيا ، تؤكد تلك النظريات على انتشار الليبرالية الجديدة ، وتفشّي الحضارة الغربية ، وتطالب بوجوب تعميمها لتشمل العالم أجمع ، وتغطي على كل الحضارات الموجودة فيها جمعاء . وهذه النظريات وأشباهها ، وإن لم تستند إلى تحليل موضوعي لكيفية النزاعات التي سوف تحدث تباعاً في القرن الجديد ، إلَّا أنها أثارت في أوساط العالم الثالث وبين المسلمين خاصة الكثير من المخاوف ، لأنها صدرت عن جهات معتمدة وذات نفوذ داخل الغرب ، تعكس ما تنطوي عليه سياسة الهيمنة الاستعمارية من نوايا سيئة ، ومن عداء شديد للإسلام والمسلمين بل للبشرية والإنسانية أجمعين . التناقض بين القول والفعل مسألة : إن هناك مشكلة واقعية حقيقية ، باتت تواجه الانفتاح السياسي واحترام حقوق الإنسان في عصر العولمة وهي : أنّ النظام الدؤلي القائم حالياً ليس نظاماً منفتحاً خالياً من الاستبداد ، إذ توجد فيه دولة عظمى واحدة ولم يكن في مقابلها دول عظمى أخرى ، ومن الواضح أن الدولة العظمى تسعى سعياً لأن تفرض قوانينها ونمط استهلاكها وثقافتها على العالم أجمع ، وهذا يوجب اختلال المعادلات الأخلاقية ، وسيادة المعايير المزدوجة والانتقائية في مواجهة قضايا حقوق الإنسان ، وتفاقم المشاكل الإنسانية القائمة في بلدان العالم الثالث والإسلامية بصورة خاصة على قدم وساق . ومن هنا ترى أمريكا لم تحسن استخدام حق التدخل في مواجهة الانتهاكات المحلية لحقوق الإنسان ، ولم ترفق في مسلكها كدولة عظمى ، ففي نفس الوقت