حقن الدماء وحفظها مسألة : يحرم في الإسلام حرمة مغلظة دم المسلم بل دم الإنسان مطلقا إلا ما خرج بالدليل وعرضه وماله ، فالسياسة الإسلامية غير ملوثة بسفك الدماء والسجن والتعذيب وما أشبه ، بل تمنع عن ذلك منعا باتاً إلا في أقصى موارد الضرورة كماً وكيفاً ، وذلك حسب الموازين المقررة في الشريعة . قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « إياك والدماء وسفكها بغير حلها ، فإنه ليس شيء أدنى لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها ، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة ، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام ، فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله ، ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد ، لأن فيه قود [1] البدن ، وإن ابتليت بخطأ وأفرط عليك [2] سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة فإن في الوكزة [3] فما فوقها مقتلةً ، فلا تطمحن [4] بك نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أولياء المقتول حقهم » [5] . وعن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أول ما يحكم الله فيه يوم القيامة الدماء ، فيوقف ابني آدم فيفصل بينهما ، ثم الذين يلونهما من أصحاب
[1] القود : القصاص وإضافته للبدن لأنه يقع عليه . [2] أفرط عليك سوطك : عجل بما لم تكن تريده : أردت تأديباً فأعقب قتلاً . [3] الوكزة بفتح فسكون الضربة بجمع الكف بضم الجيم : أي قبضته وهي المعروفة باللكمة . [4] تطمحن بك : ترتفعن بك . [5] نهج البلاغة ، الرسائل : 53 من كتاب له ( عليه السلام ) كتبه للأشتر النخعي لما ولاه مصر وأعمالها .