الجنّة » . [1] إلى غير ذلك من الأخبار وفي كلٍ من الوجوه نظر : أمّا الأوّل ، فلما بيّنّا من عموم جملةٍ من أدلَّة التحريم ولا يبعد تحقّق الإجماع في المقام لشذوذ المخالف وسبق الوفاق ولحوقه وقد ادّعى الحلَّي والشهيد الثاني في ظاهري السرائر [2] والمسالك [3] الإجماعَ على التحريم من غير استثناء مراثيه عليه السلام . وأمّا الثاني فلأنّ إنكار العلماء وغيرهم على المتغنّين بمراثيه عليه السلام معروف في الأعصار مشهور في الأمصار ، وكثيراً ما يستنزلون الراثين عن المنابر من هذه الجهة . وأمّا غير العدول فليس عادتهم غالباً إنكار المعاصي إلَّا مع غرض نفساني . سلَّمنا عدم النكير لكن يجوز ابتناؤه على الجهل بالحكم أو تحقّق الموضوع ، أو على عدم التمكن ، أو خوف ترتّب مفسدةٍ مضافاً إلى عدم حجّية فعلِ غير المعصوم في نفسه . وأمّا الثالث فلأنّ إعانة مطلق الغناء على البكاء ممنوعة ؛ فإنّ من أقسامه ما يوجب الضحك والنشاط ، مع أنّ البكاء الذي يقتضيه كيفيّة الغناء لا يكون بكاء على خصوص أمرٍ ولذا ربّما يبكي بسماع نوعٍ من الغناء جماعة لم يتذكروا مصيبة أو لم تصبهم قطَّ ، ومثل ذلك غير مطلوب شرعاً ، إنّما المطلوب فيه هو البكاء على الحسين عليه السلام أو للخوف عن الله تعالى شأنه أو شدّة الشوق إلى لقائه تعالى أو أمر مخصوص غيرها . ويمكن أن يقال : إنّ الغناء المحزن يُعِدُّ السامعَ للبكاء عليه عليه السلام بتذكَّر مصائبه كإعداد أكل العدس لذلك فهو معين على البرّ . وفيه أنّ أدلَّة تحريم الغناء يخرجه عن دليل رجحان الإعانة على البرّ ؛ بناءً على
[1] ثواب الأعمال ، ص 85 . [2] السرائر ، ج 2 ، ص 120 . [3] مسالك الأفهام ، ج 1 ، ص 165 .