« التطريب في الصوت : مَدُّه ُ وتحسينه » [1] يعني القراءة على وجه يحصل به الطرب [2] وهو كما في الصحاح : « خِفّة تُصيبُ الإنسان لشدَّة حزنٍ أو سُرورٍ » [3] . أقول : المراد قرار قلبه لأحد الأمرين ويلزمُه الترجيع غالباً فلعلَّه قصده ولم يذكره اعتماداً على الظهور ، وعليه فهذا [4] أخص ممّا فيهما ، وهو المستفاد من كلام الجوهري في تفسير الغرر [5] ؛ حيث عطف الغناء تفسيراً على التطريب في الصوت ، وهو ظاهر الحلَّي [6] حيث عدّمن المحرّمات جميع ما يطرب من الأصوات والأغاني . وعن الشافعي في حديث التغنّي بالقرآن أنّ معناه تحسين القراءة وترقيقها ، وكأنّ المراد بالترقيق ما يستلزم الحسن كما يؤذن [7] به كلام الراوي [8] عنه ، فيكون العطف للتفسير . وهذا المعنى أعمّ من الأوّل من وجه ومن الثاني مطلقاً وفسّره ُ الفاضل رحمه الله في القواعد بترجيع الصوت ومدّه ولم يعتبر فيه سواهما [9] وظاهر كلامه عدم تحقّقه إلَّا بمجموع الأمرين ويمكن أن يكون الجمع بينهما مبنيّاً على الغالب [ من اجتماعهما في الغناء ] والنسبةُ ظاهرة . [10]
[1] الصحاح ، ص 172 « طرب » . ونحوه قال ابن فارس في المجمل ، ج 1 ، ص 596 ، والزمخشري أساس البلاغة ، ص 277 ، « طرب » . [2] لأنّ مطلق مدّه وتحسينه ليس تطريباً لظهور أنّ مأخذه الطرب والحسن لا يستلزمه فربّما يعدّ الصوت حسناً ولا يحصل منه طرب ففي عبارته تسامح . ( منه عفي عنه ) . [3] كما في مفاجأة الحبيب ( منه ) . الصحاح ، ص 171 ، « طرب » . [4] أي المعنى المذكور في القاموس أخص ممّا حكى الغريبين والنهاية وكون الرفع مقصوداً لصاحب القاموس أيضاً ظاهر مع التأمّل . ( منه ) . [5] الصحاح ، ص 513 ، « غرر » . [6] السرائر ، ج 2 ، ص 215214 . [7] النهاية ، ج 3 ، ص 391 « غني » . [8] في الهامش : وهو ابن الأثير حيث استشهد له بالحديث الآخر : « اقرؤوا القرآن بأصواتكم » . [9] قواعد الأحكام ، ج 2 ، ص 236 [10] أي بين هذا المعنى وبين غيره من المعاني المتقدمة ( منه ) .