أوّل باطل إلى أبعد غايات الخسارة ويمدّه ربّه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه فهو يحلّ ما حرّم اللَّه ويحرّم ما أحلّ اللَّه لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له رياسته الَّتي قد يتّقي من أجلها فأولئك الَّذين غضب اللَّه عليهم ولعنهم وأعدّ لهم عذابا مهينا . [1] ولكنّ الرجل كلّ الرجل نعم الرجل هو الَّذي جعل هواه تبعا لأمر اللَّه سبحانه وقواه مبذولة في رضا اللَّه تعالى يرى الذلّ مع الحقّ أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ في الباطل ، ويعلم أنّ قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّيه إلى دوام النعم في دار لا تبيد ولا تنفد وأنّ كثير ما يلحقه من سرّائها إن اتّبع هواه يؤدّيه إلى عذاب لا انقطاع له ولا يزول ، فذلكم الرجل نعم الرجل فبه فتمسّكوا ، وبسنّته فاقتدوا ، وإلى ربّكم به فتوسّلوا ؛ فإنّه لا تردّ له دعوة ولا تخيب له طلبة . [2] وهذا آخر ما قصدت إيراده في هذه الرسالة ، والحمد للَّه تعالى أوّلا وآخرا وظاهرا وباطنا وهو حسبي ونعم الوكيل ، والحمد للَّه ربّ العالمين ، والصّلاة والسّلام على خير خلق اللَّه محمّد وأهل بيته الطيّبين الطاهرين المعصومين ، واللَّعنه على أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين إلى يوم الدين .
[1] اقتباس من الآية 6 من سورة الفتح ( 48 ) . [2] الاحتجاج ، ج 2 ، ص 159 - 162 ؛ تنبيه الخواطر ، ج 2 ، ص 418 ؛ بحار الأنوار ، ج 71 ، ص 184 - 185 ؛ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السّلام ، ص 53 - 55 ؛ وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 317 ، أبواب صلاة الجماعة ، الباب 11 ، ح 14 .