وأنت خبير بأنّ ملخّص ما ذكره هذان الفاضلان ، يؤول إلى أنّ الغناء ليس بمحرّمٍ في نفسه ، إذا وقَع بمجرّد صوت المغنّي ، بل المحرّم منه ما إذا كان مقروناً بِلَهْوٍ آخَرَ وباطلٍ كما إذا انضمّ إليه آلة من آلاته نحو الشبابه والدَف والطنبور وأمثالها ؛ وبالجملة النهي عن الغِناء عندهما يرجع إلى الملاهي ونحوها من سَماع صوت الأجنبيّة وتكلَّمها بالأباطيل ولَعْبها ورقصها وما أشبه ذلك ، ممّا كان متداولًا في أزمنة سلطنة المخالفين ، لا إلى الغناء نفسه سواء وقع بالقرآن أم بالدعوات والأذكار ، وما شاكلها من مذكِّرات الآخرة ومهيِّجات الأشواق إليها ؛ كما صرّح بذلك كلَّه في المفاتيح في الباب الثاني في أصناف المعاصي حيث قال : ومنها الغناء بما فيه ترجيع وإطراب على المشهور ، سواء كان بمجرّد الصَوت أو انضمّ إليه [ آلة ] من آلاته واستدلَّوا عليه بالأخبار التي فُسّر فيها لهو الحديث وقَوْل الزور في الآيتين بالغناء ؛ فَزَعموا أنّ المراد منه ما يشتمل على ترجيع وإطراب ، وبما ورد في الخبر « أنّ استماع الغناء واللهو يُنبت النفاق في القلب » [1] وفي آخر « أنّه ممّا أوعَد الله عليه النار وتلا الآية الأولى » [2] وفي آخر : « المغنّية ملعونة وملعون من أكل كسبها » [3] وفي آخر : « شراؤهنّ حرام وبيعهنّ حرام وتعليمهنّ كُفْر واستماعهنّ نفاق » [4] وفي آخر : « ثمنهنّ سُحْت » . [5] ومنهم مَن استثنى من الممنوع منه ما يكون في العرائس ، لما
[1] الكافي ، ج 6 ، ص 434 ، باب الغناء ، ح 23 . [2] الكافي ، ج 6 ، ص 431 ، باب الغناء ، ح 4 . [3] الكافي ، ج 5 ، ص 120 ، باب كسب المغنّية وشرائها ، ح 6 . [4] . الكافي ، ج 5 ، ص 120 ، باب كسب المغنّية وشرائها ، ح 5 . [5] الكافي ، ج 5 ، ص 120 ، باب كسب المغنّية وشرائها ، ح 7 .