النَغَمات والأصوات معانيها متقاربة تصدُق مع الغناء وغيره والكلام في لحنٍ يصدُق عليه الغناء أو لا يصدق . وممّا ينبّه على ذلك ، التعبير بألحان العرب ولُحون أهلِ الفِسق . وتحريم الغِناء ممّا لا خلاف فيه بين الإماميّة وهو ثابت بالكتاب والسنّة فمن دفع ذلك فهو مكابر .
وقول علمائنا بعد تعريفه بمدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرِب : « أو ما يُسمّى في العرف غناء وإن لم يُطرِب ، سواء كان في قرآنٍ أو أذانٍ أو غيرهما » [1] يمكن أن يكون مستندهم في تحقّقه في القرآن هذا الحديث وما في معناه ، ويمكن أن يكون العرف أو الترجيع أو الجميع ، ودلالة التعريفين على تحريمه في القرآن يستلزم الدلالة على تحريمه في غيره بل يدلّ على تحريمه فيه وفي غيره لمَن تدبّر .
فإن قلت : قوله عليه السلام : « اقرؤوا القرآن بألحان العرب وأصواتها » [2] لا يدلّ على أنّ ما ليس من ألحانهم وأصواتهم يكون من ألحان أهل الفُسوق وأهل الكبائر ، ويمكن وجود الواسطة ولا دليل على تحريمها وهي كما تتحقّق في القرآن [ تتحقّق ] في غيره كما هو مصطلح الصوفية في إنشادهم إذا رقصوا ، أو صفقوا ، وبغير ذلك ، وأيضاً فما تضمّنه من التشبيه بترجيع الغناء لا يدلّ على كونه غناءً بل ربما دلَّ على كونه ليس بغناءٍ لأنّ المشبّه غير المشبه به وذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « يرجّعون القرآن ترجيع الغناء » وغاية ما يدلُّ عليه أنّ هذا الترجيع المشابه بترجيعه غير جائز في القرآن ، فلو وَقَع المشابهة بترجيع الغناء في غير القرآن لا يحرم بغير ذلك والحديث لا يدلّ عليه بل إنّما يدلّ على تحريم قراءته بِلُحونِ أهلِ الفِسق وأهلِ الكبائر ؛ والصوفية ليسوا منهم ، بل هم أهل الله ، بل عينه ، فَفِعْلُهُم خارج عن ذلك .

[1] الروضة البهيّة ، ج 3 ، ص 213212 .
[2] الكافي ، ج 2 ، ص 614 ، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ، ح 3 .

573