وفيه عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام : « ما بعث اللَّه عزّ وجلّ نبيّا إلَّا حسن الصوت » . [1] أقول : والسرّ فيه أنّ حسن الصوت تابع لاعتدال المزاج كما برهن في موضعه وبرهناه في البوارق الملكوتية ، ومزاج الأنبياء من أعدل الأمزجة . وفيه عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : « كان عليّ بن الحسين عليه السّلام أحسن الناس صوتا بالقرآن ، وكان السقّاؤون يمرّون فيقفون ببابه يستمعون قراءته ، وكان أبو جعفر عليه السّلام أحسن الناس صوتا » . [2] وفيه عن علي بن محمّد النوفلي عن أبي الحسن عليه السّلام قال : ذكرت الصوت فقال : « إنّ علي بن الحسين عليهما السّلام كان يقرأ القرآن فربّما مرَّ به المارّ فصعق من حسن صوته وإنّ الإمام لو أظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه ، قلت : ولم يكن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن ؟ فقال : إنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم كان يحمّل الناس من خلفه ما يطيقونه » . [3] أقول : انظروا معاشر العقلاء إلى هذه الأحاديث المفيدة لتأكَّد استحباب قراءة القرآن بالصوت الحسن ، ثمّ انظروا إلى وصف فرط حسن صوت الإمام عليه السّلام من وقوف السقّائين وصعق المارّة وإسماع رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم من خلفه بقدر طاقتهم لا ما في قدرته لئلَّا يهلكوا من فرط حسنه ، ثمّ تأمّلوا بعين الإنصاف وتجنّبوا عن التعصّب والاعتساف أنّه هل يمكن أن يكون صوتا بالغا في الحسن والبهاء حدّا يصعق السامعين وهو على استقامته من غير ترجيع ؟ وإلَّا فلم يكن حال محاورته وتكلَّمه عليه السّلام كذلك ، وهل يمكن أن يدّعي أحد أنّ تكلَّمه عليه السّلام كان مصعقا ؟ وهل ورد خبر أنّه عليه السّلام كان يتكلَّم بالصوت الحسن ؟ وما ذلك إلَّا لأنّ التكلَّم يكون على الاستقامة ، والقراءة على الترجيع ، وإلَّا فما الفرق ؟ فقد ثبت أنّ الرسول و
[1] الكافي ، ج 2 ، ص 616 ، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ، ح 10 . [2] الكافي ، ج 2 ، ص 616 ، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ، ح 11 . [3] الكافي ، ج 2 ، ص 615 ، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ، ح 4 .