و التواريخ أنّ أحدا من الشيعة نسب نفسه هذه النسبة ، و لا أنّ أحدا من المعصومين عليهم السّلام أمر بالانتساب إلى أحد من هؤلاء ، بل لم تزل الأئمّة يحتجّون على الصوفية ، و يحذّرون الناس من اتّباعهم ، و ينسبونهم إلى البدعة و الرئاء و تحريم ما أحلّ اللَّه و تحليل ما حرّم اللَّه و العمل بالرأي و الهوى ، كما هو ظاهر من احتجاجهم عليهم السّلام على علماء الصوفية ، و هو موجود في أحاديثنا المعتمدة . و لم يوجد حديث واحد يدلّ على مدحهم فضلا عن الأمر باتّباعهم و الانتساب إليهم . و كلّ من تتبّع كتب حديث الشيعة علم أنّه ليس للصوفية ذكر في كلام الأئمّة عليهم السّلام إلَّا بالذمّ ، فهذا إجماع ظاهر واضح من الشيعة و الأئمّة على تحريم هذه النسبة . و قد روى الشيخ المفيد في كتاب الردّ على أصحاب الحلَّاج [1] و ملَّا أحمد الأردبيلي في حديقة الشيعة [2] أحاديث صريحة في تحريم هذه التسمية في غير التقيّة ، كما نقله ثقات أصحابنا عن الكتابين ، و ناهيك بالحديث المستفيض عنهم عليهم السّلام أنّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم قال : « يا علي ، أنا و أنت موليا هذه الأمّة ، فمن انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة اللَّه » . [3] و ممّن رواه الصدوق رئيس المحدّثين في آخر كتاب من لا يحضره الفقيه في وصية النبي لعليّ عليهما السّلام و قد [4] عرفت ما صرّح به في أوّله من صحّة جميع أحاديثه ، و أنّها حجّة بينه و بين اللَّه ، و أنّ جميعها منقول من كتب و أصول عليها المعوّل و إليها المرجع . [5] فإن قلت : قول الصدوق رحمه اللَّه في بعض أسانيد عيون الأخبار و غيرها : « حدّثنا فلان الصوفي » ، و في بعضها : « حدّثنا فلان عن فلان الصوفي » [6] يدلّ على خلاف ما
[1] هذا الكتاب قد فقد و لم يصل إلينا . [2] حديقة الشيعة ، ص 605 . [3] الفقيه ، ج 4 ، ص 362 ، ح 5762 . و لم نجد في الفقيه قوله : « يا علي ، أنا و أنت موليا هذه الأمّة » . [4] في المخطوطة : « فقد » . [5] الفقيه ، ج 1 ، ص 3 ، مقدّمة المصنّف . [6] عيون أخبار الرضا عليه السّلام ، ج 1 ، ص 229 ، 254 و 2 ، ص 78 ، 80 .