المبحوث عنه . و هذا قريب عند التحقيق من الثامن و بينهما فرقّ ما . و ثاني عشرها : أن يكون المراد بترجيع الصوت بالقرآن ردّه باشتغاله بالقرآن عن الشعر و الغناء و نحوهما ، فيكون أمرا بالاشتغال به عن غيره ، و الرجوع عن غيره إليه ؛ لأنّ صاحب الصوت الحسن يستعمله غالبا في الغناء ، فأمر بالرجوع عنه إلى قراءة القرآن لا على وجه الغناء ، فيرجع إلى معنى الرجوع و يناسب بعض ما سبق . و كذا قوله : « يرجّع به ترجيعا » و يكون الضمير للقرآن ، يعني إنّ اللَّه يحبّ الصوت الحسن الذي يردّه صاحبه عن المحرّمات و يستعمله في العبادات كقراءة القرآن على الوجه المشروع المباح . فهذا ما خطر بالبال من الاحتمال [ في ] تأويل الحديث ، و إن نوزع في بعضها بأنّه بعيد فأكثرها قريب سديد . و إذا سلم منها محمل واحد صحيح فهو كاف ، فكيف و الجميع متّجه شاف ، و لعلّ الوجه البعيد في بعض الأنظار قريب في غيره ، كما هو واقع كثيرا . و من نظر في كلام الفصحاء و تصرّفات البلغاء علم أنّ أكثر كلامهم مجازات و استعارات و كنايات . و قد أجمع العلماء على أنّ المجاز أبلغ من الحقيقة ، بل لا مبالغة في استعمال اللفظ في حقيقة ، و المبالغة في مثل هذه المقامات مطلوبة خصوصا مع شدّة ظهور الحال لولا تمويهات أهل الضلال . و أمّا القرينة الدالَّة على المجاز فقد تكون عقلية ، و قد تكون لفظية ، و قد تكون حالية ، و لعلَّهم عليهم السّلام مع استعمال بعض الألفاظ في معانيها المجازية كانوا ينصبون للسامع قرينة يفهم منها الصرف عن الحقيقة و إن لم تصل إلينا ، أو يعتمدون على قرب المعنى المقصود من فهمه و لو من سماع حديث آخر ، أو موافقته للغالب من عرفه ، أو علمه بمذهب الأئمّة عليهم السّلام فيه ، أو بسبب روايتهم لكثير من الأحاديث بالمعنى سقطت بعض الألفاظ التي كانت قرائن المجاز ، أو غير ذلك . و اللَّه أعلم .