ذلك ، و أنّه أقوى أسباب الترجيح في الأحاديث المختلفة ، كما أمر به الأئمّة عليهم السّلام في مثله [1] ، و كما هو موافق للاعتبار ؛ لما هو معلوم من أنّ أغلب أسباب الاختلاف في أحاديث أهل العصمة عليهم السّلام مراعاتهم للتقيّة . و ثانيها و ثالثها : أن يكون المراد بالترجيع مجرّد مدّ الصوت أو رفعه بحيث لا يتحقّق الغناء ؛ لأنّ السؤال في صدر الحديث إنّما هو عن رفع الصوت ، و أنّ الشيطان يوسوس للسائل إذا رفع صوته بالقرآن بأنّه يريد به الرئاء ، فأمره الإمام عليه السّلام بأن لا يلتفت إلى هذا الوسواس ، و أن يقرأ قراءة متوسّطة ، و يرفع صوته بالقرآن ، فأجاز له التوسّط و رفع الصوت . فإمّا أن تكون « الواو » في « و رجّع » بمعنى « أو » ، كما ذكروه في مواضع و أوردوا له شواهد [2] ؛ أو يكون معنى « الواو » الجمع بين الأمرين في الجواز هنا ، أي في خصوص الصورة المذكورة في السؤال ؛ أو أمرا له بالأمرين في وقتين بأن يقرأ قراءة متوسّطة تارة و يرفع صوته تارة أخرى أو في آية أخرى ؛ أو يكون رفع الصوت هنا بما لا يخرج عن حدّ التوسّط بأن لا يبلغ العلوّ فيستقيم معنى الجمع . و هذا الوجه يمكن جعله وجهين باعتبار إمكان انفكاك مدّ الصوت عن رفعه ، و قد ورد استعمال الترجيع في رفع الصوت و مدّه ، ذكره بعض العلماء في تفسير مثل هذا اللفظ . قال صاحب كتاب قصص الأنبياء - بعد ذكر أحاديث من طرق العامّة في قصّة الأذان - ما هذا لفظه : قال أبو محمّد : سمعت الخليل بن أحمد قاضي سجستان يقول : معنى الترجيع في هذا الخبر هو الذي في الخبر الثاني حيث قال ، قال لي رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم : « ارجع فامدد من صوتك » و هو أنّه كان لا
[1] وسائل الشيعة ، ج 27 ، ص 106 - 107 ، 118 - 119 ، الباب 9 ، ح 1 ، 29 - 34 . [2] انظر مغني اللبيب ، ص 468 ، الباب الأوّل ، الواو المفردة ( تحقيق الدكتور مازن المبارك و محمد علي حمد اللَّه ) .