يطهِّر بعضه بعضاً " التي عرفت الكلام فيها وضعف دلالتها على مطلوبهم ، فالأقوى فيه أيضاً اعتبار الممازجة ، للأصل والقاعدة المذكورة وعدم ما ينافيها من الأدلة ، بل منها استفيدت القاعدة لما ذكرناه من حوالة الكيفية من باب السكوت عنها وعدم ذكر لها فيها بالمرّة ، مع كمال الاحتياج إلى بيانها إلى ما هو المركوز في الأذهان . ولا ريب في عدم مساعدته على الحكم بطهر طرفي شيء متباعدين بمجرّد ملاقاة المطهِّر لأحدهما . ومن هذا البيان تعرف حال الإطلاق في الخبرين وأنّه وارد مورد بيان حكم آخر . قوله ( قدس سره ) : ( وكذا مع التغيير إذا فرض زواله بذلك على وجه لا يتغيّر المطهّر ويبقى معتصماً بعضه ببعض ) لعدم الفرق في التطهير بين المتغيّر وغيره إلاّ في الاحتياج هنا إلى زوال تغييره بالمطهّر أو قبله ، ولا يكفي زواله بعد ملاقاته إلاّ إذا فرض بقاء المعتصم بحاله وامتزج به النجس بعد زوال تغييره ، كما كان يكفي لو بلغ الباقي الغير المتغيّر ممّا تغيّر بعضه كرّاً وامتزج به المتغيّر بعد زوال تغييره ، أو زوال تغييره بنفس الامتزاج . والوجه في توقّف التطهير على ما ذكرناه أنّ الكرّ الملقى إذا تغيّر بالمتغيّر تنجّس ، فلا يعقل الحكم بالطهارة - حينئذ - إلاّ على كفاية زوال التغيير بنفسه وستعرفه ، وإن لم يتغيّر وبقي بحاله من الاعتصام فالحكم بالطهر بزوال التغيير بعد ذلك مبنيّ على القول بكفاية الاتصال ، وقد عرفت اعتبار الامتزاج . وتوهّم حصوله مطلقاً لا يجتمع مع بقاء كلٍّ منهما بحاله ، إذ بقاء كلّ على ما كان ملازم لعدم المزج ، وهو غير كاف حتى عند القائلين بكفاية الوصل في غير المقام ومع المزج التام وبقاء التغيير بتغيّر الكرّ فينفعل . قوله ( قدس سره ) : ( ولا يطهر بزوال التغيير لنفسه لعدم المادة ) للاستصحاب حتى من المنكرين له لتوهمهم أنّ ثبوت الحكم هنا لعموم الدليل ، ولم ينقل الخلاف فيه إلاّ عن يحيى بن سعيد .