توابع مكة ، وحمل الخطاب على عرف المخاطب يعيّن حمله على المكّي ، كما هو أيضاً أحد قرائن حمل المرسل على العراقي بناءً على استظهار أنّ أصحابه الذين روى عنهم هم من أهل بلده الذي هو العراق . مع أنّ الصحيحة بعد الحمل المذكور بنفسها دليل على المدّعى ، فتكفينا مؤنة تتميم دلالة المرسل ، فهما بعد اعتضادهما بالإجماع المظنون حصوله كافيان في حمل الكرّ الخارج عن عمومات انفعال الراكد الدالّ اخراجه منه على سببيته ملاقاته للنجس لانفعاله ، إلاّ أن يمنعه هذا العاصم . وأمّا بلوغه المقدار المساحي المذكور فهو أيضاً ممّا ذهب اليه المشهور ، بل عن الغنية الإجماع عليه . ويدلّ عليه رواية الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : " إذا كان الماء في الركي كرّاً لم ينجّسه شيء ، قلت : وكم الكرّ ؟ قال ( عليه السلام ) : ثلاثة أشبار ونصف عمقها في ثلاثة أشبار ونصف عرضها " [1] . والظاهر أنّ المراد من عرضها هو سطحه المشتمل على الطول والعرض ، لأنّ أنقصية الطول من المقدار المذكور لا يجتمع مع تسميته طولا وتسمية الأطول عرضاً ، واعتبار الأزيد من هذا المقدار فيه ينافيه السكوت عنه في مقام البيان . فيفهم منه أنّه اُريد منه تمام السطح نظير قوله تعالى : " عرضها كعرض السماء والأرض " [2] . واحتمال ارادة تمام محيط السطح منه وهو الدائرة المحيطة به وإن كان قائماً في نفسه إلاّ أنّه خلاف الظاهر في خصوص المقام ، لأنّ ظاهر ظرفية العرض للثلاثة ونصف العمق ثبوت العرض بذلك المقدار ، وتحقّقه بكماله في تمام المقدار العمقي . ومن الواضح عدم صدق ذلك إلاّ مع ملاحظة العمق المزبور مع تمام السطح لا الخط المحيط به ، مضافاً إلى أنّ ملاحظته توجب نقصان الكرّ عن حدّه المساحي على جميع الأقوال ، كما لا يخفى .
[1] الوسائل 1 : 122 ، الباب 10 من أبواب الماء المطلق ، ح 5 . [2] الحديد : 21 .