بالفراغ منه ، والتمندل أمر مستقل خارج منه ليس له دخل فيه شطراً أو لا شرطاً ، فما معنى صيرورته مكروهاً حقيقياً بهذا الفعل المباين المستقل ؟ ولكن يمكن التفصّي عنه وتصحيح صيرورته مكروهاً اصطلاحياً بأن يقال : إنّ مسح بلله مرتبط به نظير ارتباط العجب المتعقّب بالعبادات بها ، إذ لمّا كان وجوده سبباً لنقص الوضوء عمّا يقتضيه وجوده الخالي عن اقترانه بهذا المنقص فصحّ أن يعدّ هذا من قيوده ، لصدق أنّ الوضوء المتلوّ بالتمندل قد نقص عمّا تقتضيه ذاته ، فترك مثله أرجح من فعله بتبديله بفرد آخر خال عن هذا النقص وواجد لما تقتضيه طبيعته بما هي هي ، فكما أنّ العجب المتعقّب يحبط ثواب العبادة رأساً ، ويصحّ من أجله أن تتصف العبادة المتلوة به بالحرمة ، فكذا هذا الوضوء لذهاب عمدة ثوابه بهذا الفعل يصحّ أن يتصف بالكراهة الاصطلاحية ، إذ إدخال النقص في العبادة بفعل اختياري مثل ايجادها ناقصة في كون كلتيهما مرجوحتين ناقصتين بفعل العابد . فتنقّح أنّه صحّ تصوّر الكراهة حتى لو قيل بكون ترك التمندل مستحباً ، إذ استحباب الترك بما هو ترك مستلزم لكراهة الفعل ، وما قدمناه من إدخالنا إيّاه في السنن إنّما هو باعتبار الإبقاء وجعل الترك مقدمة له لا مطلوبيته بنفسه . وكيف كان فالأصل عندهم في هذا الحكم كونه على خلاف من جعل الرشد في خلافهم من مداومتهم عليه ، ومنه يتضح محمل ما ورد عنهم ( عليهم السلام ) من المسح والتمندل أو الأمر به سيّما على ما عليه أبو حنيفة ، وهو أعظم الأربعة حيث يرى ماء الوجه نجساً . وممّا ذكروه من مكروهاته : كراهة الكلام في أثنائه بغير الذكر والدعاء ، ويمكن أن يكون وجهه منافاته للأدعية المطلوبة فيه . ومنها : لطم الوجه بالماء كما تقدّم . والحمد لله أوّلا وآخراً . إلى هنا انتهى الجزء الأوّل - حسب تجزئتنا - ويتلوه الجزء الثاني - إن شاء الله تعالى - أوّله : المقصد الثاني في الغسل إلى آخر كتاب الطهارة < / لغة النص = عربي >