التكليف بما لا يطاق وبأنّ المعصية لمّا كانت بحكم العقل فهو لا يفرّق فيها بين مخالفة المولى في تكليفه الموجّه أو منعه عن توجيه التكليف بقطع لسانه عن الطلب الفعلي بتصيير الشخص نفسه غير قادر في زمان يعلم أنّ المولى يطلب منه العمل الكذائي منجّزاً ، فهما سواء عند العقل في كونهما معصية للمولى ومخالفة له وإن لم يتنجّز الطلب منه في الثاني ، وإذ لم يكن جهة المنع هنا إلاّ تمامية المقتضي للطلب في الوقت ، وكون المصلحة بعد حضوره ملزمة وعدم مانع عن الطلب سوى حضوره ، ومسلّم أيضاً أنّ الفعل بعد الوقت في أوّل آنات دخوله متصف بالطلب المنجّز وواجد للمصلحة التامّة الكاملة ، ومسلّم أيضاً كمال المطلوبية في ايجاد هذا المطلوب في أوّل وقته كما أفصح عنه الأخبار ، وأطبق عليه كلمة الأخيار فلا جرم يحكم العقل بحسن الاشتغال بتحصيل المقدمات بحيث إذا فرغ منها يدخل في الواجب بلا مهلة عرفية ، ومنه يعلم أنّ التأهّب لا يتحقّق معناه إلاّ بايجاد الوضوء مثلا عند حضور الوقت لا مطلق ما يكون قبل الوقت . إذا عرفت هذا تبيّن لك ما في منع الفاضل في الكشف من ثبوت هذا المستحب بقوله : " أمّا الخبر فلم أظفر به ، وأمّا الاعتبار فلا أرى الوضوء المتقدّم إلاّ ما يفعل للكون على طهارة ، ولا معنى للتأهب للفرض إلاّ ذلك " انتهى . لوضوح الفرق بين المعنيين ممّا أسلفناه لك ، فالوجه لاستحبابه ما ذكرناه ، والخبر المرسل وهو وإن لم يبلغ درجة الحجّية في نفسه إلاّ أنّه يمكن جبره بالشهرة فينهض به لها ، ولا يسع لأحد نفيها ، لأنّ الظاهر تحقّقها كما يظهر ممّن رأيناهم ممّن تعرّض له وحكم بثبوته حيث أرسلوه إرسال المسلّمات كما في الدروس والمدارك والجواهر ، وعن الوسيلة والجامع والنزهة والبيان والنفلية والمنتهى ونهاية الإحكام والذكرى والدلائل ، ويؤكّد تحقّقها ما سمعته ممّا تقدّم عن المجلسي من نسبته إلى الأصحاب ، فالقول بجواز التوضي لصلاة حضر وقتها قبل الوقت بمقدار ما يعدّ تهيأ للاشتغال بها أوّل الوقت بحيث يعدّ هذا من الاشتغال بها في أوّل وقتها بحسب العادة لا بأس به . ومنه تعرف أنّ في تسمية هذا الوضوء من المستحب