اغتسال الجنب فيه ، ولو كان بدنه طاهراً كما يذكرونه في منزوحات البئر ، ومعه أيضاً يلزم الغاسل فساد التلوث الذي لا يبعد أهمية إزالته من رفع الحدث عند دوران الأمر بينهما ، مع ممنوعية أصل المسألة حينئذ من رأسه . وعليه فيكون مساق الخبر للتقية ، لأنّ الانفعال بنفس الغسل هو مذهب العامة فيكون النهي عن الوقوع حينئذ لمراعاتهم ، لئلاّ يلزم منه إثارة الشحناء . وبالجملة فالذي يسع دعوى ظهور هها في الانفعال تلك الأخبار الستة . والانصاف أنّ أخبارنا الاثني عشر التي ستذكر ، بل الأربعة عشر الدالّ على الاعتصام أصرح منها ، وأظهر في المطلوب . فلا بدّ من رفع اليد منها بها ، لتقدّم النصّ والأظهر على الظاهر ، فتلك لا تقاوم أخبارنا من جهة الدلالة حتى يلتمس الترجيح بينهما ، وعلى فرض التكافؤ فالترجيح لأخبارنا كما أشرنا إليه ، مضافاً إلى استلزام العمل بأخبارهم لطرح أخبار كثيرة معتبرة في مقام التعارض في مقدار التقدير . ومع عدم الترجيح فلا ريب أنّ المرجع عمومات طهارة الماء وأدلّة اعتصام الكرّ بعد تتميمه بعدم القول بالفصل في غير الكرّ من الآبار ، لما عرفته من إعراض القوم عن التفصيل المذكور على تأمّل في هذا ، لإمكان القلب . والتفصيل باعتبار الأصل لا ضير فيه . ومع الغضّ عن العمومات فليرجع إلى أصالة الطهارة . هذا كلّه مع احتمال تلك الأخبار جملة للانفعال الحاصل بالتغيير بما فرض فيها من النجاسة كما يقوّيه أخبارنا ، فإنّ الأخبار بعضها مبيّن للبعض ، ففي صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع : " ماء البئر واسع لا يفسده شيء ، إلاّ أن يتغيّر فينزح حتى يذهب اللون ويطيب الطعم " [1] ، وفي صحيحته الاُخرى تعليل الحكم بقوله : " فإنّ له مادة " [2] ، فإنّها مع صراحتها في عدم الانفعال بشيء من النجاسات استثنى انفعالها بسبب التغيير الذي هو أيضاً سبب آخر للنصوصية ، كسببية التعليل
[1] الوسائل 1 : 126 ، الباب 14 من أبواب الماء المطلق ح 6 . مع اختلاف يسير . [2] الوسائل 1 : 127 ، الباب 14 من أبواب الماء المطلق ، ح 7 .